ولعل ذلك نوع من المواجهة للثقافة الغربية الفرنسية التي احتوشت أقطار المغرب العربي وأخضعتها لمحتوياتها فترة طويلة من الزمان، ومع ذلك لم تخل دروس التفسير في المغرب العربي من الروح التجديدي الذي يقوم على القواعد الصحيحة للتجديد، وذلك واضح مثلاً في تفسير الشيخ عبدالله كنون لسور المفصل من القرآن الكريم إذ ركز فيه على ((الأسس الثلاثة التي قامت عليها دعوة الإسلام وهي : تصحيح العقيدة، وتزكية النفوس بالأخلاق الفاضلة، وإعداد المسلمين لقيادة الإنسانية إلى ما فيه صلاح معاشها ومعادها))(١).
ومن ثم فقد تعرض هذا التفسير لاستخلاص ما في الآيات القرآنية من ((أحكام وآداب وأخلاق وقضايا سياسية واجتماعية مطبقاً الآية على واقع الحال الذي يعرفه المجتمع الإسلامي والمغربي منه على وجه الخصوص))(٢).
ولا يعني هذا انغماس المفسرين المغاربة في دعاوى التجديد التي قد يكون فيها نشوز عن المنهج الصحيح قد يكون فيها أو في بعضها، ومن الأمثلة على توازن عملية التجديد ووسطيتها في التفاسير المغربية دروس الشيخ علال الفاسي في التفسير في القرويين الذي يرى أن ((مستقبل الإسلام إنما هو في نجاح السلفية الصحيحة، أي في أن يقتنع المسلمون بضرورة العمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ومسايرة التطور في أساليب الفهم والتقدير للأشياء، والعناية بالعقل الراجح البعيد عن المؤثرات المختلفة.. بحيث لا تقبل نظرية من النظريات إلا إذا أقرها العقل وصادق عليها الدين))(٣).
(٢) …الدراسات القرآنية بالمغرب في القرن الرابع عشر الهجري ص ٣٦٧
(٣) …حديث المغرب في المشرق علال الفاسي ص ٢٧-٢٨