أما علم القراءات فقد وجد الاهتمام به منذ وقت مبكر أيضاً، إذ سجل يحيى بن سلام كثيراً من القراءات التي رواها عن شيوخه أو اختارها من قراءات القراء، فقد تردد في تفسيره روايته لقراءات شيوخ البصريين الذين أخد عنهم القراءة (١)، كما ذكر في تفسيره قراءات الكوفيين والمدنيين وغيرهم من طرقه المختلفة، ولم يكتف ابن سلام بمجرد رواية القراءة وإنما ذهب إلى توجيه القراءة، كما في قوله تعالى ؟ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ ؟(٢) فإنه ذكر أن فيها قراءتين : قراءة ؟ مُفْرَطُون ؟ بفتح الراء أي معجلون إلى النار، وقراءة ؟ مفرِّطون ؟ من قوله تعالى على لسانهم : ؟ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ؟(٣).
ومن أهم المصنفات في علم القراءات كتاب (الهادي في القراءات) لمحمد بن سفيان الهواري القيرواني توفي سنة ٤١٥ هـ(٤)، ويبدو أن الهواري قد اهتم بهذا العلم اهتماماً كبيراً، فله كتاب (التذكرة في القراءات)، كما أن له كتاب (اختلاف قراء الأمصار في عد آيات القرآن)(٥)، كما اهتم يوسف بن علي بن جبارة المغربي بطرق القراءات، فصنف كتابه (الكامل في طرق القراءات)(٦).
(٢) …سورة النحل : آية ٦٢.
(٣) …سورة الأنعام: آية ٣١.
(٤) …كشف الظنون ٢/٢٠٢٧.
(٥) …انظر شجرة النور الزكية للشيخ مخلوف ( ١/١٠٦) الديباج المذهب لابن فرحون ( ١/٢٧١).
(٦) …معرفة القراء الكبار للذهبي ١/٣٤٦.