والله من وراء القصد.
مشرف أحمد الزهراني
المبحث الأول
المغرب العربي يحتضن القرآن الكريم
دخل القرآن الكريم المغرب العربي مع الفاتحين، وكان من أول الفاتحين للمغرب العربي ذلك الجيش الذي قاده عبدالله بن سعد بن أبي سرح، وقد ذكر أبو العرب في طبقات علماء إفريقية أنه كان عدته عشرين ألفاً أكثرهم من الصحابة، وكان ممن دخل مع أبي سرح من الصحابة عبدالله بن الزبير وعبد الله بن عباس وغيرهم(١). ثم غزا المغرب العربي جيشٌ مسلمٌ آخر بقيادة معاوية بن خديج، وهو صحابي كان معه جماعة من الصحابة في هذا الغزو كعبد الله بن عمر وأبي زمعة البلوي، ومن المعروف أن عبدالله بن الزبير كان من كَتَبة مصحف عثمان وأن عبدالله بن عمر وابن عباس يُعَدَّان من جُمَّاع القرآن الكريم وقد كان لكل منهما مصحفه الخاص الذي دوَّن فيه القرآن الكريم حسب ما سمعه من النبي ﷺ أو من قراء الصحابة الآخرين(٢).
إلا أن التاريخ اهتم بصورة أكبر بفتح عقبة بن نافع بن عامر الجهني للمغرب العربي، ويبدو أن امتداد آثار هذا الفتح كان من أسباب هذا الاهتمام، فقد كان من أهم أسباب امتداد آثار هذا الفتح هو اهتمام عقبة بن نافع بتعليم القرآن لأهل المغرب، إذ ترك حين أراد العودة إلى المشرق ((جماعة من أصحابه يعلمون الناس القرآن ويفقهونهم في الدين، وجعل على رأسهم شاكر بن عبدالله الأزدي صاحب الرباط المشهور على مراحل من مراكش))(٣).

(١) …طبقات علماء إفريقية لأبي العرب ص ٧٠، والبيان المغرب ١/١٢. وانظر: القراءات بإفريقية من الفتح إلى منتصف القرن الخامس الهجري- هند شلبي ص٢٥-٢٦.
(٢) …صنف ابن أبي داود كتاب المصاحف، وذكر فيه مصحف كل من هؤلاء الصحابة على حدة، وقد نشره أثر جفري.
(٣) …المدرسة القرآنية في المغرب، عبد السلام الكانوني، ص ٣٠.


الصفحة التالية
Icon