يتضح مما سبق أنه كان لعلوم القرآن المختلفة شيوخ أجلاء في المغرب العربي على مر القرون منذ الفتح الإسلامي إلى هذا العصر الحديث.
ويلاحظ أن البحث هنا فرق بين لفظي الإقراء والقراءات على أساس أن شيوخ الإقراء هم الشيوخ الذين اهتموا بتلقي القراءات القرآنية وتلقينها للمتعلمين، وعلماء القراءات هم الذين صنفوا في فنون هذا العلم ووفوه حقه من الدراسات، فأما شيوخ الإقراء فيعبر عنهم بلفظ القارئ أو المقرئ ويلاحظ أن لفظ القارئ هو الذي اشتهر أولاً في كتب الحديث والتراجم، فقد ترجم البخاري في صحيحه ((باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم))(١)، إلا أن عبارة بعض المتأخرين يستفاد منها التمييز بين القارئ والمقرئ، فالقارئ عندهم هو المبتدئ الذي شرع في الإفراد إلى أن يفرد ثلاثاً من القراءات، وأما المقرئ فهو العالم بالقراءات سبعاً أو عشراً الراوي لها مشافهة الناقل لأكثرها وأشهرها(٢).
ومن أشهر شيوخ الإقراء في بلاد المغرب العربي :
١ - أبو عبدالله أسد بن الفرات بن سنان : وهو من أقدم مقرئي القرآن في المغرب العربي قدم مع أبيه إلى المغرب العربي في فتوح أفريقية سنة ١٤٤ هـ، وقد تلقى القرآن بالقيروان ثم تونس ثم رحل إلى المشرق طالباً للعلم سنة ١٧٢ هـ ثم رجع إلى القيروان سنة ١٨١ هـ فتصدر مجالس العلم وأصبحت له الرياسة هناك، توفي بصقلية سنة ٢١٣ أو ٢١٧ هـ (٣).
٢ - أبو جعفر محمد بن محمد بن عمر بن خيرون، وهو ابن شيخ القراء بالقيروان محمد بن عمر بن خيرون الذي مضت الإشارة إليه، وقد أخذ القراءة عن أبيه وجمع كتاباً اسمه (الابتداء والتمام في القراءات) توفي سنة ٣٠١هـ
(٢) …انظر منجد المقرئين ومرشد الطالبين لابن الجزري ص ٣- دار زاهد القدسي - القاهرة
(٣) …ترتيب المدارك ٣/٢٩١.