والتراجم السابقة المختارة من علماء القراءات والتفسير تشير إلى حضور هؤلاء العلماء في بلاد المغرب العربي وعطائهم العلمي في علوم القرآن على مر القرون المختلفة.
المبحث الرابع
أهم مراكز تعليم القرآن الكريم في المغرب العربي
أشار البحث في المبحث الأول إلى طرق انتشار القرآن الكريم بين المغاربة، ويحسن في هذا المبحث أن نلخص أهم هذه الطرق ونذكر نماذج منها وهي :
١ - المساجد :
فالمسجد يعد المدرسة الأولى في الإسلام وقد ظل يحتفظ بهذه الميزة إلى وقتنا الحاضر، ومن أشهر المساجد التي كانت منارة لعلوم القرآن في المغرب العربي، جامع الزيتونة في تونس و القرويين بفاس وغيرها.
*…أما جامع الزيتونة فهو من مآثر التابعي الجليل عبدالله بن الحباب، فرغ من بنائه سنة ١٤١ هـ ثم أدخل أبو إبراهيم الأغلبي في عصر الأغالبة تحسينات فنية كسته ذلك الطراز البديع الذي نراه عليه اليوم إلا أنه تحاشى أن يرسم اسمه عليها فنسبها إلى الخليفة العباسي المستعين بالله، فقد ظل جامع الزيتونة مناراً للعلم وبخاصة علوم القرآن الكريم، وكان نظام التدريس في المعهد العلمي على ثلاث مراحل : دنيا ووسطى وعليا، ويدرّس فيها التفسير، خاصة تفسير الجلالين وأسرار التنزيل للقاضي البيضاوي، وجعل في العليا قسم خاص لتدريس القراءات وهذا ما يدل على عنايتهم بعلوم القرآن بهذا الجامع، ويعد خريجو جامع الزيتونة محط الاحترام الكامل من الشعب التونسي، وذلك لوفور حظهم من العلم وعمق العلوم الشرعية التي تدرس في هذا الجامع(١)..
*…وأما جامع القرويين فهو من معاقل العلم بالمغرب العربي وقد أنشأه إدريس الثاني إبان حكمه، وقد بدأ العمل فيه مستهل رمضان ٢٤٥ هـ(٢). وظل المسجد صغير المساحة حتى حدثت له التوسعة المشهورة سنة ٣٤٤ هـ.

(١) …انظر ابن عاشور ومنهجه في التفسير للريس ص ٦٨ رسالة ماجستير غير مطبوعة.
(٢) …زهر الآس في تاريخ مدينة فاس ص ٨٢.


الصفحة التالية
Icon