وحظي المسجد باهتمام علمي كبير تحت عناية ملوك المغرب الذين ساهموا في نمو رسالته العلمية، وظل درس التفسير في جامع القرويين وتعليم القرآن يتداوله العلماء قرناً بعد قرن، ولعل من مشاهير هذا الدرس الشيخ أحمد الزموري المتوفى سنة ١٠٠١ هـ صاحب كرسي التفسير والقراءات بالقرويين، ويصف بعض الباحثين درس التفسير بالمغرب العربي بأن مرجعه يعود إلى ((تفاسير الأندلسيين والمغاربة الملتزمين مذهب السنة وإذا أتوا بشيء من تفسير بعض المشارقة كالزمخشري انتقدوه ودحضوا آراءه الاعتزالية أكثر مما أخذا منه))(١)، ولعل ما قصدوه بالتزام المفسرين الأندلسيين والمغاربة مذهب السنة أنهم التزموا عقيدة الأشاعرة على اعتبار أنه مذهب مضاد للاعتزال، وممن تأثر بمذهب الأشاعرة ابن عطية وأبو حبان وابن العربي وغيرهم (٢).
إلى جوار هذين المسجدين وعلى سنتهما في نشر القرآن الكريم وتعليمه نجد الكثير من المساجد التي انتشرت في المغرب العربي منها جامع التلمسان بالجزائر الذي أسسه موسى بن نصير سنة ٨٩ هـ واستمر يقوم بدوره العلمي بتعليم القرآن الكريم حتى قال الحميري: ((ولم تزل تلمسان داراً للعلماء والمحدثين وأهل الرأي))(٣).
وكذلك جامع القيروان الذي أسسه عقبة بن نافع الفهري سنة ٥١ هـ وكذلك الجامع الكبير بمراكش الذي بناه يوسف بن تاشفين في عصر دولة المرابطين، وقد كان يوسف بن تاشفين (( يفضل الفقهاء ويعظم العلماء ويصرف الأمور إليهم))(٤) وهذه كلها مساجد تعد مراكز لتعليم القرآن الكريم بالمغرب العربي، وقد أدت دورها إلى جانب هذين المسجدين الكبيرين مسجد الزيتونة ومسجد القرويين.
(٢) …انظر : الدراسات القرآنية بالمغرب في القرن الرابع عشر الهجري ص ١٩٢.
(٣) …الروض المعطار للحميري ص ١٣٥ - صفحات من تاريخ المغرب الإسلامي، د. حسن خضيري أحمد ص ٢٢١.
(٤) …انظر : صفحات من تاريخ المغرب الإسلامي ص ٢٢٦.