وقد انتشرت الكتاتيب في المغرب العربي وكان لها دورها الحيوي علمياً وتربوياً ومن الأمثلة على ذلك : الكتّاب المشهور بالزاوية الطاهرية بالجزائر وقد سميت باسم مؤسسها الشيخ الطاهر بن محمد سنة ١٨٣٧ م، وظلت حتى عصرنا الحاضر لا تنقطع عن تعليم القرآن وهو مهمتها الأولى ثم تعليم الفقه وأصول الدين والحديث بالدرجة الثانية(١).
٤ - الرباطات : وهي من أهم المراكز الثقافية في بلاد المغرب، ويعد تعليم القرآن الكريم من وظائفها الأساسية وأصل الرباط ثكنة تتكون من صحن ومن عشرات الغرف حول هذا الصحن، وتنتهي هذه الثكنة بجامع كبير له مئذنة تستخدم للأذان ولمراقبة السواحل من غارات العدو، ويشتهر الرباط منذ عهد المرابطين ببث العلم في صدور الطلبة رجالاً ونساءً احتساباً، ويوجد في كل رباط دار لاستنساخ المصحف الشريف ومجامع الحديث والفقه وتوزيعها على طلبة العلم بالمجان، وتعليم القرآن الكريم وتفسيره من أهم العلوم التي تدرس في الأربطة، ومن الأربطة المشهورة في المغرب العربي رباط هرثمة بن أعين الذي أسس سنة ١٨١ هـ بطرابلس الغرب، ثم كثرت الأربطة من بعده حتى كان بين الرباط والرباط مسافة تقدر بنحو ٦ كيلو مترات(٢).
وهذه الدور المختلفة لتعليم القرآن الكريم في المغرب العربي التي ينبغي أن ينظر فيها بعناية ليستفاد من ذلك في نهج طريقة علمية مستقاة من خبرة التاريخ وجهود مشايخ العلم لتكون منهجاً في تدريس القرآن الكريم في العصر الحاضر وهو ما سيتعرض له المبحث القادم إن شاء الله.
المبحث الخامس
في طرق تطور تعليم القرآن الكريم بالمغرب العربي وأهم معالم الطريقة المنشودة

(١) …الزوايا القرآنية المتحركة للأستاذ / بن جدو بن داود ( مقالة نشرت بمجلة رسالة المسجد - الجزائر - رمضان ١٤٢٤ - العدد الرابع ) ص ٤٦
(٢) …انظر صفحات من تاريخ المغرب الإسلامي ص ٢٣٠، والمدرسة القرآنية في الغرب ص ٣٦.


الصفحة التالية
Icon