وأما العلوم الأخرى فلا تنكر أهميتها بالنسبة للمسلم عموماً إلا أنه ينبغي التفريق في ذلك بين من أراد التخصص في دراسة القرآن الكريم ومن أراد تعميم اهتماماته الدراسية وهذا أمر لا يعد سُبة لمن يتخفف من هذه العلوم في مدارس القرآن الكريم كما أن المدارس العصرية تتخفف من حفظ القرآن الكريم ولا يسبها أحد بذلك، ومن ثم فيفضل وجود الضروري من هذه العلوم العصرية في المراحل المتقدمة من هذه المدارس، فلا يحشد كم ضخم من هذه العلوم في المرحلة الابتدائية في حفظ القرآن الكريم ؛ لأن ذلك يشوش ذهن الطالب وهو في مرحلة باكرة قد لا يستطيع فيها الجمع بين هذه المختلفات، بل قد يتصور أن أهميتها في مجال تخصصه متساوية مع أهمية القرآن الكريم والعلوم الشرعية لصغر سنه وضعف إدراكه(١).
وقد عانى المغرب العربي من دخول بعض العلوم العصرية خصوصاً اللغات الأجنبية في مناهج بعض مدارس القرآن الكريم بصورة أفزعت كثيراً من الباحثين وعدوا ذلك نقيصة في مناهج هذه المدارس، ويقرر الأستاذ إبراهيم وافي أن ذلك كان من أساليب المستعمرين التي تقوم على ((تلقين لغتهم الأجنبية بأساليب متطورة حديثة ومغرية تفضي عن سوءات لغتهم ببريق ولمعان بيداغوجي يغري البسطاء))(٢).

(١) …تجدر الإشارة إلى تجربة مدارس تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، فهي نموذج لتطبيق هذه الضوابط في الواقع الدراسي ؛ إذ تتدرج في إدخال المواد الدراسية الشرعية وغيرها إلى ذهن الطالب، مع مراعاة ألا تطغى حصص المواد الثقافية على العلوم الشرعية أو حصص القرآن الكريم.
(٢) …الدراسات القرآنية بالمغرب في القرن الرابع عشر الهجري ( ص ٢٤ ).


الصفحة التالية
Icon