إلا أن هذا لا يقدح في أن المغاربة قد تداولوا المصاحف وكتبوها وإن لم نقطع بوصول هذه المصاحف إلينا، فقد احتفظت المكتبة الأثرية بالقيروان بعدد كبير من المصاحف ينتمي إلى القرن الثالث، اشتهر بعضها تاريخياً مثل المصحف الذي كتبته فضل مولاة أبي أيوب بخطها وجد سنة ٢٩٥هـ. وفي خزائن الجامع الأعظم بتطوان وجامع القرويين بفاس وجامع ابن يوسف بمراكش ثروة كبيرة من المصاحف التي تنتمي إلى القرون المتقدمة الخامس والسادس والسابع الميلادي(١). وقد سرى اهتمام المغاربة بالمصاحف إلى الأندلس إذ يروي المراكشي في المعجب أنه ((كان بالربض الشرقي بقرطبة مائة وسبعين امرأة يكتبن المصاحف بالخط الكوفي))(٢).
ولقد ظل اهتمام المغاربة بالمصحف الشريف على مر العصور خصوصاً إذا قررنا اهتمام ملوك المغرب بالمصحف الكريم وعنايتهم به، إذ كان لهم خطاطون مختصون مهمتهم كتابة المصاحف ونشرها بين الناس، ((وما من أسرة حكمت المغرب إلا تنافس ملوكها في نسخ المصاحف ونشرها بين الناس... وأقرب شاهد على ذلك مصحف الملك الحسن الثاني الذي طبع بماء الذهب في احتفال المغرب بذكرى مرور ثلاثة عشر قرناً على نزول القرآن))(٣).
ولا تشغلنا هذه العناية الكبيرة بالمصحف الشريف على أيدي المغاربة منذ الفتح الإسلامي عن اهتمامهم بالرافد الأول في نشر كتاب الله عز وجل وتعليمه وهو حفظ الصدور وتلقين المعلم للمتعلم عن طريق المشافهة والرواية، وهو الطريق الأوحد الذي انتشر به كتاب الله عز وجل وتواتر قراؤه جيلاً بعد جيل سواء في المغرب العربي أوفي غيره، إلا أن الاهتمام بهذا الجانب كان واضحاً عند المغاربة ويمكن أن نجمل أهم طرق انتشار القرآن الكريم بين أهل المغرب العربي في طريقين :-
أ - البعثات التعليمية.
ب - معاهد تعليم القرآن.

(١) …انظر: القراء والقراءات بالمغرب ص ١٠.
(٢) …المعجب للمراكشي ص ٣٧٢.
(٣) …المدرسة القرآنية في المغرب ص ٢٨


الصفحة التالية
Icon