وفي نهاية القرن الخامس الهجري، أدخل أحمد بن عبد الله بن طاووس البغدادي(١) - ت ٤٩٢ه- قراءة أبي عمرو البصري إلى الديار الشامية، وقام سُبيع ابن المُسلم(٢)- ت ٥٠٨ه- بنشرها واستمر الناسُ يقرأون بقراءة أبي عمرو البصري إلى حدود القرن العاشر الهجري(٣)، ومن ثَمَّ انتشرت رواية حفصٍ عن عاصم في بلاد الشام عن طريق القراء والفقهاء والمحدثين ولا زالت في الانتشار إلى أن أصبحت هي القراءة المعتمدة عند العامة والخاصة إلى عصرنا الحاضر(٤).
ولقد كان لصحابة رسول الله - ﷺ - نصيب وافر وجهد عظيم في نشر الدُّور القرآنية في البلاد الشامية، وقد تقدّم أنّ المغيرة بن أبي شهاب المخزومي- ت٩١ه- كان هو معلم مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه لأهل الشام.
وقد أرسل عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه ثلاثة من صحابة رسول الله ﷺ لتعليم أهل الشام القرآن الكريم؛ فأرسل معاذ بن جبل- ت١٨ه- إلى أهل فلسطين، وأرسل عبادة بن الصامت- ت ٣٤ه- إلى أهل حمص، وأرسل أبا الدرداء- ت٣٢ه- إلى أهل دمشق(٥).
المطلب الثاني: طريقة الشّاميّين في تعليم القرآن الكريم
(٢) سبيع بن المُسلم بن علي بن هارون أبو الوحش المعروف بابن قيراط، شيخ دمشق، كان ضريرا ثقة كبيرا، قرأ على أبي علي الأهوازي، وقرأ عليه إسماعيل بن علي بن بكرات وغيرهما. ينظر: معرفة القراء الكبار ٢/٨٨٨، غاية النهاية ١/٣٠١.
(٣) ينظر: غاية النهاية ١/٣٠١.
(٤) ينظر: القراءات وكبار القراء في دمشق ص ١٨٩.
(٥) ينظر في هذا القراءات القرآنية في بلاد الشام، د. حسين عطوان، ص ٣٩-٤٢.