لم تقتصر عناية المجتمعات بالقرآن الكريم على عصر ٍدون آخر، وعلى جيلٍ دون غيره ولا على بلدٍ دون غيره؛ بل إنّ عناية المجتمعات المسلمة بالقرآن الكريم تزداد يوماً بعد يومٍ، ومن وقت لآخر؛ فالمدارس ودُور القرآن والحلقات القرآنيّة والأقسام داخل الكلّيات، والجامعات المتخصّصة تنتشر في جميع الأقطار شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً.
وإنّ بلاد الحرمين الشّريفين منبع الرّسالة مهبط الوحي، تمثّل القدوة الحسنة في اهتمامها بالقرآن الكريم والقراءات القرآنية من مئات الحلقات وآلاف الطّلاب وملايين النّسخ من المصحف الشريف والمسابقات المحلّية والدّوليّة.
والمجتمعات المسلمة الأخرى اعتناؤها بالقرآن الكريم لها طرائقها المختلفة من إنشاء المدارس والدُّور والحِلق وطرائق التّدريس والمؤلّفات القرآنيّة.
(((
المبحث الأوّل: عناية السلف بالقرآن الكريم
المطلب الأوّل: عناية صحابة رسول الله - ﷺ - بالقرآن الكريم
اعتنى السلف يرحمهم الله تعالى بالقرآن الكريم عناية فائقةً فحفظوه في الصدور والسطور.
فكان النبي - ﷺ - أول حافظ وقارئ للقرآن الذي نزل عليه، بواسطة جبريل عليه السلام.
لما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله - ﷺ - يُعالج من التنزيل شدَّةً، كان يحرك شفتيه، فأنزل الله عز وجل: ؟لا تحرّك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرءانه؟، قال: جَمْعه في صدرك ثم تقرأه، ؟فإذا قرأناه فاتبع قرءانه؟ قال: فاستمع وأنصت، ثم إن علينا أن تقرأه، قال: كان رسولُ الله - ﷺ - إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريلُ قرأهُ النبيُّ - ﷺ - كما أقرأه»(١).