وتابع الراغب الأصفهاني في غريبه اللفظة، فشرحها موضحاً معناها في كل موضع جاءت فيه، أي بحسب استعمالها في القرآن الكريم. ومن أمثلته ما جاء في مادة " كنز " قال : الكنز جعلُ المال بعضه على بعض وحفظه وأصله من كنزت التمر في الوعاء، وزمن الكِناز وقت ما يكنز فيه التمر، وناقة كناز مكتنزة اللحم، وقوله :[الذين يَكْنِزون الذهبَ والفضة] (١) يدخرونها وقوله :[فذوقوا ما كنتم تَكْنِزون ] (٢) وقوله :[ لولا أُنْزِلَ عليه كنزٌ ] (٣) أي مال عظيم، [ وكان تحته كنزٌ لهما ] (٤) قيل كان صحيفة علم (٥).
وذهب أصحاب الحديث في غريبهم مذهب أصحاب "غريب القرآن"، فراحوا يفسرون مواد الحديث اللغوية التي اسموها "غريبا ً". ومن شواهد ذلك تفسير مادة " سبخ " في غريب الهروي، جاء فيه :... في حديثه عليه السلام حين قال لعائشة وسمعها تدعو على سارق سرق لها شيئاً، فقال : لا تُسبّخي عنه بدعائك (٦).
قال الأصمعي، قوله : لا تسبخي، يقول : لا تُخففي عنه بدعائك عليه. وهذا مثل الحديث الآخر من دعا مَنْ ظلمه فقد انتصر؟ وكذلك كل من خُفِّفَ عنه شيء فقد سُبِّخَ عنه. قال : يقال : اللهم سبّخ عني الحُمّى، أي سلّها وخففها. قال أبو عبيد : ولهذا قيل لقطع القطن إذا ندِفَ : سبائخ، ومنه قول الأخطل يصف القنَّاص والكلاب: (من البسيط).
فَأَرسَلوهُنَّ يُذرينَ الترابَ كَما يُذري سَبائِخَ قُطنٍ نَدْفُ أَوتارِ (٧)
يعني ما يتساقط من القطن (٨).
(٢) التوبة ٣٥
(٣) هود ١٢
(٤) الكهف ٨٢
(٥) المفردات في غريب اللغة ( كنز )
(٦) غريب الحديث ـ الهروي ١/٣٣ ـ ٣٤
(٧) ديوان الأخطل ص١١٥، واللسان ( سبخ ).
(٨) غريب الحديث ـ الهروي ١/٣٣ ـ ٣٤