٢-إن بعض ما جاء في كتب الغريب لهو من الألفاظ العامة التي يشترك في معرفتها جمهور أهل اللسان العربي، وهو مما يدور في الخطاب، تناقلوه فيما بينهم وتداولوه، وتلقفوه منذ الصغر لضرورة التفاهم، ومن أدلة ذلك ما أثبته الراغب الأصفهاني في غريبه، من نحو " غنم " قال في تفسيره : الغَنم معروف، قال تعالى: [ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ] (١)، والغنم إصابته والظفر به ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم (٢)، يشبهه أيضاً ما جاء في " تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب " لأبي حيان الأندلسي، قال: "شجر" في الآية :[ ومن الشجر ومما يَعْرِشون ] (٣)، وما قام على ساق (٤)، وغيرها من الألفاظ اللغوية المعروفة المتداولة كـ "زوج" و"صيد" (٥)، فهل هذا غريب مستغلق ؟؟
٣-إن إطلاق مصطلح "غريب" على ما جاء في القرآن يتناقض مع البيان الإلهي لأن ما جاء في القرآن فصيح بعيد عن الغرابة والشواذ، مصداقاً لقوله عز وجل :[ بلسان عربي مبين ] (٦)، وقوله: [ إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ] (٧)، وكذلك ما جاء على لسان الرسول (ص) أنا أَعْرَبُكم، أنا من قريش، ولساني لسان بني سعد (٨)، فهل لغة القرآن غريبة مبهمة، أم ما أودع في كتب الغريب قصد به شرح المفردات وتفسيرها ؟!

(١) الأنعام ١٤٦
(٢) المفردات في غريب االقرآن ( غنم )
(٣) النحل ٦٨
(٤) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، ص ١٠٧
(٥) تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، ص ٩٠، ١٢٢
(٦) الشعراء ١٩٥
(٧) يوسف ٢
(٨) الطبقات الكبرى ـ ابن سعد ١/١١٣


الصفحة التالية
Icon