٤-إن أصحاب مصنفات " الغريب " قصدوا تفسير الألفاظ حقيقة لا البحث عن الغريب في عرف البلاغيين كما توحي التسمية، يقوي ذلك اعتراف أصحاب المصنفات أنفسهم في حقيقة عملهم، قال الراغب الأصفهاني في مقدمة غريبه، يوضح خطته ويصور منهجه :( وذكرت أن أول ما يحتاج أن يُشتغل به من علوم القرآن العلوم اللفظية ومن العلوم اللفظية تحقيق الألفاظ المفردة، فتحصيل معاني مفردات الفاظ القرآن في كونه من أوائل المُعاون لمن يريد أن يدرك معانيه، كتحصيل اللَّبِن في كونه من أوائل المَعاون في بناء ما يريد أن يبنيه... وقد استخرت الله تعالى في املاء كتاب مستوفىً فيه مفردات ألفاظ القرآن على حروف التهجي، فنقدم ما أوله الألف ثم الباء ) (١).
ويشبهه ما نُقل عن أبي عبيد في مقدمة كتابه ( قال أبو عبيد في فضائله : حدثنا هشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن... عن ابن عباس أنه كان يسأل عن القرآن فينشد فيه الشعر، قال أبو عبيد يعني كان يستشهد على التفسير) (٢).
ففي كلام ابن عباس وأبي عبيد دليل على أن المقصد شرح مفردات القرآن، ولهذا علق أحد الدارسين على عمل أصحاب الغريب بقوله : غير أننا نعرف أن ابن عباس كان يُسأل عن معاني مفردات القرآن، وأنه كان يفسرها تفسيراً لغوياً، مستشهداً على ما يقوله بالشعر العربي القديم (٣).

(١) المفردات في غريب القرآن، ص ٦
(٢) الإتقان في علوم القرآن، ٢/ ٥٥
(٣) الدراسات اللغوية عند العرب ـ محمد حسين آل ياسين، ص ١٤٧


الصفحة التالية
Icon