الحقيقة أن " الغريب " لم يطلق مجازاً على معنى الشرح والتوضيح، لفقدان الشرعية في اللغة التي تسمح له بهذا الجنوح المعنوي ؛ لأن المجاز هوأن يسمى الشيء باسم ما قاربه أو كان منه بسبب (١)، كما في قول معاوية بن مالك :(من الوافر)
...... إِذا نَزَلَ السَحابُ بِأَرضِ قَومٍ رَعَيناهُ وَإِن كانوا غِضابا (٢)
أراد بالسماء المطر، لقربه من السماء.
والغريب أيضاً ليس مما يقارب الشرح والتوضيح ولا سبباً منه، ولم يجر استعمال الغريب على سنن العرب الأخرى، كوصف الشيء بما يقع فيه أو يكون منه، كما في قولهم : ليلٌ نائم، أي ينام فيه، وليل ساهر، أي يسهر فيه (٣)، فهم وإن قصدوا ألفاظاً يقع فيها الإغراب والإبهام، إلا أنهم جمعوا في بطون مؤلفاتهم ألفاظاً متداولة معروفة على كل لسان.
يبقى الأمر موضع إشكال، وهو يتطلب تدبراً واجتهاداً، واستناداً إليهما ننفذ إلى أن العلماء الذين ألفوا في "الغريب" لم يجهلوا معنى الغريب، ولكن هناك ملابسة يمكن على ضوئها تفسير مذهب العلماء في التسمية، وهي:

(١) العمدة في محاسن الشعر ١/٢٦٦
(٢) المفضليات، ص ٣٥٩.
(٣) فقه اللغة وسر العربية، ص ٢١٢


الصفحة التالية
Icon