... قال ابن دُريد :

وجه الكلام، السبيل التي تقصدها به.. صرفت الشيء عن وجهه، أي سَننه وكساء موجه، له وجهان، ويُجمع وجه على أوجُه ووجوه وأُجوه (١).
... وهذه المعاني نجدها عند ابن منظور، مع إضافات أخرى هي : وفي الحديث أنه ذكر فِتَنا كوجوه البقر، أي يُشبه بعضها بعضا ؛ لأنّ وجوه البقر تتشابه كثيرا.. وفي حديث أبي الدرداء :( لا تفقه حتى ترى القرآن وجوها ) أي ترى له معاني يحتملها ؛ فتهاب الإقدام عليه.. رجل ذو وجهين إذا لقي بخلاف ما في قلبه (٢).
... مما سبق يتضح أنّ لكلمة الوجوه ثلاثة معان، هي :
ـ الدلالة على معنى واحد فقط تقصده ولا تريد غيره، ولا يحتمل معنى آخر، ومنه : هذا وجه الرأي، أي هو الرأي نفسه.
ـ الدلالة على التشابه، بحيث تكون المعاني قريبا بعضها من بعض، فيمكن ردّها إلى معنى أصلي واحد.
ـ الدلالة على التعدد في المعنى، أي الخروج باللفظ عن سننه، وطريقته المعهودة إلى معان أخرى يحتملها، وهذه الدلالة كما تكون في المعاني تكون أيضا في الأمور المحسوسة، ولعلها أصل لها، إذ يُقال : كساء موجّه، أي له وجهان.
... مما لا شك فيه أن المعنى الثالث هو الذي يستجيب إلى المقصود في كتب الوجوه والنظائر، فلو أخذنا على سبيل المثال كلمة "الهدى " نجد أن المعاني التي ذكرها لها يحيى بن سلام ت ٢٠٠هـ في كتابه التصاريف سبعة عشر وجها أو معنى، فهي تعني في القرآن : البيان، ودين الإسلام، والإيمان، والدعاء، والمعرفة، والرشد، والتوحيد، والسنَّة، والتوبة، والإلهام....... (٣).
... وهكذا لا يُقصد بالهدى في القرآن الكريم معنى واحدا، إنما تأتي على معانٍ متعددة يهتدي إليها العارف بتفسير القرآن.
... فما الفرق بين الغريب والوجوه والنظائر ؟!
(١) جمهرة اللغة ( جوه )
(٢) لسان العرب ( وجه )
(٣) التصاريف، ص ٩٦ ـ ١٠٣


الصفحة التالية
Icon