... من الطبيعيّ أن يكون الشبه بين معنى اللفظين قويا، ذلك لأنهما يُعنيان بمعنى الكلمة، ولعل الفرق بينهما أنّ كتب الغريب تتضمن الكلمات الواردة في كتب الوجوه والنظائر، باستثناء عدد قليل لا يُذكر، وتزيد عليها الكثير، ونذكر على سبيل المثال أن الأصفهاني قد أورد في كتابه " المفردات " في حرف الألف كل الكلمات الواردة في حرف الألف من كتاب الحسين بن محمد الدامغاني " إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم " ما عدا خمس كلمات، وزاد عليه في الحرف نفسه ستا وأربعين كلمة.
... كما يبدو أنّ المادة المشتركة بين كتب الغريب، وكتب الوجوه هي تلك التي كثُر ورودها في القرآن الكريم لا غير، ولعل الفرق الكبير بين كتب الغريب وكتب الوجوه أنّ اهتمام كتب الغريب باللغة أكثر من أي شيء آخر، فهي تجمع بين المعاني القرآنية وبين غيرها من المعاني التي يُستعمل فيها اللفظ بصفة عامة، في حين تهتم كتب الوجوه باللغة حسب السياق الذي وردت عليه في القرآن الكريم، فهي تتقيد بالمعاني القرآنية، ولا تتعداها إلى معان أخرى (١).
( ٤ ) التأليف في غريب القرآن (٢) : ـ
أكبَّ المسلمون على القرآن الكريم منذ صدر الإسلام، يتلون آياته، ويحرصون على تعرّف معاني ألفاظه، فحفظوه، وجمعوه في مصحف، وكتبوا في تفسيره ومعانيه وإعجازه وبلاغته وناسخه، ومنسوخه، وفي الوجو والنظائر وغير ذلك الكثيرالكثير، ولا تزال مسيرة التأليف في هذا المجال مستمرة، وستبقى إلى أنْ يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك لأن كتاب الله تعالى لا تُعدّ عجائبه، ولا تُحصى فوائده.
(٢) من بحث بعنوان ( حركة التأليف المعجمي في مفردات القرآن ) لأحمد حسن الخميسي.