ومن كتب الغريب في القرن الثامن كتاب محمد بن يوسف بن علي المعروف بأبي حيان الأنلسي ت ٧٤٥هـ، واسمه ( تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب ) (١)، وقد ذيّل عليه في هوامشه بما في الألفاظ التي ذكرها من قراءات، وبما أغفله المصنف من غريب، وقد لجأ المؤلف إلى ترتيبه وفقا لنظام غريب يأخذ من نظام الجوهري في المعاجم بعض الشيء، فقد رتب الألفاظ وفقا لحروفها الأول فالأخير، ثم لم يراع ترتيب الحشو، وأتى به هملا، ففي حرف الخاء مثلا تجد الألفاظ على النحو التالي : خسأ، خبأ، ثم خطب ثم خبت، ثم خرج ثم خلد، خدد، خمد، خضد... الخ، ولم يدخل في اعتباره سوى الحروف الأصلية وحدها، أما التفسير فغاية في الاختصار، ومقصور على الشرح اللغوي السريع للفظ، ولا يبين فيه الآية التي ورد فيها، ولا أثر فيه لأسماء لغويين ولا مفسرين، ولا شواهد، ولا ما إلى ذلك.
ولمَّا رأي الشيخ قاسم الحنفي ت ٨٧٩هـ ذلك الترتيب أحب أن يهذبه لييسره، وأن يزيد عليه بعض ألفاظ قليلة، فألّف كتابه ( مختصر كتاب التحفة في غريب القرآن ) وتقتني دار الكتب المصرية نسخة مخطوطة منه، رقمها ( ٢٣٤ تفسير )، وقد بيّن في مقدمته القصيرة ما دعاه إلى اختصاره، فقال :( لمَّا رأيت كتاب التحفة في غريب القرآن عقدا تناثرت درره، أحببت أن أنظمه في أقرب سلك، وهو الحرف الأول والثاني من الحروف الأصلية، مميزا ما زدت بقلة ).
وهكذا فإنّ الحنفي لم يغيّر شيئا من عبارة أبي حيان، فيما عدا الترتيب، والقليل الذي زاده.