( ١ ) مفهوم الغريب (١) :
توخياً للدقة، وتوضيحاً للطرح، لا بد من القاء الأضواء على مادة "غريب" في العرف اللغوي، وفي المعنى الاصطلاحي، ثم موازنته بما جاء في مؤلفات الغريب، للخروج بالرأي الصائب والحكم الأسدّ، وهنا يثار تساؤل مفاده، ما الغريب ؟؟
الغريب في اللغة البعيد عن وطنه، جمعه غرباء، وقالت العرب : قذَفَتْهُ نوى غَرْبة، أي بعيدة (٢)، كما جاء في استعمالهم : أصابه سهْمُ غَرْب، أي لا يدري راميه (٣)، واشتقوا من مادة (غريب) أفعالا ً، قالوا : اغترب فلان إذا تزوج إلى غير أقاربه (٤).
من خلال المعاني المتقدمة، يلاحظ أن مادة (غريب) تحمل في أصولها معنى البعد من الأنس، والانفراد عن أبناء الجنس، لذلك استعاروا منها صورة تشبيهية نقلوها لمن انفرد عن أهله ولا ناصح له، قالوا: وجه كمرآة الغريبة ؛ لأنها في غير قومها فمرآتها أبداً مجلوّةٌ ؛ لأنه لا ناصح لها في وجهها (٥) ومن هنا ظهر المعنى الاصطلاحي.
والغريب في الاصطلاح هو الغامض من الكلام، وكلمة غريبة (٦) ويقال: تكلم فأغرب إذا جاء بغرائب الكلام ونوادره، وقد غربت هذه الكلمة أي غمضت، فهي غريبة، ومنه مُصنف الغريب (٧)، وقد أوضحوا المقصود من الكلام الغريب، بقولهم : وكلام غريب بعيد عن الفهم (٨).
يلاحظ مما سبق أن الكلام الغريب، أو الغرابة في اللفظة : كون الكلمة وحشية غير ظاهرة المعنى ولا مأنوسة....

(١) من مقال بعنوان ( كتب الغريب بين حقيقة معنى الغريب وواقع التأليف ) للدكتور محمد كشَّاش.
(٢) أساس البلاغة ( غرب )
(٣) القاموس المحيط ( غرب )
(٤) مختار الصحاح ( غرب )
(٥) أساس البلاغة ( غرب )
(٦) لسان العرب ( غرب )
(٧) أساس البلاغة ( غرب )
(٨) المصباح المنير ( غرب )


الصفحة التالية
Icon