وفيها ) القلب والاختصاص فى لفظ الطاغوت على ما ذكره الزمخشرى فإنه قال في قوله تعالى﴿ والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ﴾ القلب للاختصاص بالنسبة إلى لفظ الطاغوت لأن وزنه على قوله فعلوت من الطغيان كملكوت
ورحموت قلت صوابه بتقديم اللام على العين فوزنه فلعوت (٩) ففيه
مبالغات التسمية بالمصدر والبناء بناء المبالغة والقلب وهو للاختصاص إذ لا يطلق على غير الشيطان
( وفيها ) الحصر بتعريف المبتدأ والخبر فى ثلاثة مواضع
الله ولىّ الذين آمنوا أى لا ولىّ لهم غيره
وأولياؤهم الطاغوت أى لا غيره
وأولئك اصحاب النار أى لا غيرهم
فالأولان حقيقيان والثالث يحتمل الحقيقى والمجازى (١٠) والثلاثة من قصر الصفة على الموصوف
( وفيها ) التأكيد بهم فى قوله هم فيها خالدون
( وفيها ) الإهتمام به حيث قدّم والزمخشرى يقول فى مثل ذلك أن يفيد الحصر ذكره فى قوله ﴿ وبالآخرة هم يوقنون ﴾ وذكره الأصبهانى فى قوله﴿ وما هم بخارجين من النار﴾ فيكون مفهومه هنا أن غيرهم من عصاة المؤمنين لا يخلدون فيها.
( وفيها ) الإشارة بأولئك على حد ما ذكروه فى قوله تعالى ﴿ أولئك على هدى من ربهم ﴾ من أنه جدير بما يذكره بعده (١١)
( وفيها ) الخطاب العام فى أولئك (١٢) فان كان الخطاب لمعين فان كان هو النبى ﷺ فهو إضمار لما فى الذهن ويحتمل أن يكون فيه إلتفات (١٣) ورفع بعضهم درجات
فإن المراد به النبى ﷺ ولم يقع له ذكر بعد ذلك لا بالخطاب ولا بغيره وان كان للمؤمنين أو الكافرين ففيه نوعان
التفات من الغيبة فى الذين آمنوا
وخطاب الجميع بصيغة المفرد ويزيد الثانى
ثالثاً وهو الإشارة تعريضاً بغباوة السامع بمعنى أنه لا يفهم الا المحسوس على حد ما قالوه فى أولئك آبائى
( وفيها ) المشاكلة (١٤) والاستعارة التهكمية (١٥) فى قوله أولياؤهم لأن الإخراج
١١) من نكات ذكر المسند إليه معرفاً بالإشارة للتنبيه على أن المشار إليه جدير بما يذكر بعد اسم الإشارة من الأوصاف نحو قوله تعالى ﴿ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدىً من ربهم واولئك هم المفلحون﴾ فعبر بلفظ أولئك دون هم إذ المقام للإضمار حيث تقدم لهم ذكر تنبيهاً على انهم جديرون بكونهم على هدى من ربهم إذاً إسم الإشارة يدل على كمال التمييز فكأنه قال أولئك المؤمنون بالغيب المقيمون الصلاة إلخ استحقوا أن يكونوا على هدى من ربهم وكذا يقال فى أولئك هم المفلحون قال الزمخشرى ونظيره أى هذا التركيب قولك أحب رسول الله ﷺ الأنصار الذين قارعوا دونه وكشفوا الكرب عن وجهه أولئك أصحاب الجنة هذا على سبيل الاستطراد أذكر ما دار بين القوم فيما يتعلق بجملة أولئك على هدىً من ربهم فإن لها تاريخاً عجيباً وذلك أن تيمور لنك التترى عقد مجلساً بسمرقند خاصاً بالفحول من علمائها وعلماء غيرها وجرى فيه مباحثة بين الفاضلين سعد الدين التفتازانى والسيد الشريف الجرجانى وكان الحكم بينهما نعمان الدين الخوارزمى فانتصر للسيد على السعد وكان السعد مقدماً عند تيمور لنك فبعد تلك المباحثة قدم عليه السيد فحزن السعد وما لبث أن مات وكان موضوع المباحثة هذه الآية فالسعد يقول أن فيها استعارة تبعية تمثيلية معاً والسيد ينفى إجتماع الاستعارتين فبما أن الإستعارة التمثيلية ما كان كل من طرفى التشبيه فيها هيئة منتزعة من عدة أمور يحتم السيد أن يكون ما يعبر به عن تلك الهيئة لفظاً مركباً وحيث أن التبعية أنما تجرى فى المفرد فلا يصح عنده إجتماعها مع التمثيلية فى جملة إذ يقال حينئذٍ أن الجملة استعارة مفردة مركبة وفى ذاك تناف لكنه أجاز أن يحذف وبعض ألفاظ التمثيلية إذا كان المذكور يفهم منه المحذوف فقال فى الآية شبهت هيئة مركبة من


الصفحة التالية
Icon