التعوذ بالله من شر الحاسد، وتقوى الله والتوكل عليه، ثم الصبر على عدوه الحاسد وفراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه، وتجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه، والصدقة والإحسان ما أمكنه، فإن لذلك تأثيرًا عجيبًا في دفع البلاء ودفع شر الحاسد(١).
٢ - الكذب وشهادة الزور:
قال الجرجاني: كذب الخبر عدم موافقته للواقع وقيل هو إخبار لا على ما عليه المخبر)(٢).
وقال ابن حجر: الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء كان عمدًا أم خطأ(٣).
إن الصدق طريق الفلاح والنجاح والكذب طريق السقوط والضلال. والصادق محبوب إلى عباد الله مؤتمن على الأموال مقبول الشهادة موثق الأقوال، أما الكاذب فإنه لا يصدق قوله ولا تقبل شهادته ولا يؤتمن على الأموال. فقد اتصف بصفة ذميمة حرمها الإسلام وعدها من الكبائر.
وكما يكون الكذب بالأقوال فقد يفعل الإنسان فعلاً يوهم به حدوث شيء لم يحدث على سبيل المخادعة بالفعل، وهو أشد خطرًا وأقوى تأثيرًا من الكذب بالأقوال. ومن أمثلة ذلك ما حكاه الله لنا من أقوال وأفعال إخوة يوسف - عليه السلام - إذ جاءوا آباهم عشاء يبكون كذبًا وقالوا - كذبًا - ﴿ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ﴾ [يوسف: ١٧]. وجاءوا على قميص يوسف بدم كذب، فجمعوا بين كذب القول وكذب الفعل.
ويندرج في هذا شهادة الزور التي هي من أكبر الكبائر ولها ضرر اجتماعي عظيم، فإن الله فرض القضاء بين الناس وشرعه حسمًا للمنازعات وحفظًا للحقوق وصونًا للمصالح وتهدئة للخواطر حتى لا يشيع النزاع ولا تمتلئ النفوس بالأحقاد بسبب العدوان على الحقوق.
(٢) …التعريفات، للجرجاني، ص١٠٣.
(٣) …فتح الباري، لابن حجر، جـ٦، ص٢٤٢.