وآخر ما حذرت عنه الآية إحدى الكبائر وهي الغيبة: وهي ذكرك أخاك بما يكره في غيبته. وإن كان العيب فيه. كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة أن النبي × قال: (أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) (١).
وقد شبه سبحانه ما يناله المغتاب من عرض أخيه المسلم كأنه يأكل لحمه ميتًا، وفي هذا من التنفير عن الغيبة والتوبيخ لها ولفاعلها والتشنيع عليه مالا يخفى، فإن لحم الإنسان مما تنفر عن أكله الطباع الإنسانية وتستكرهه الجبلة البشرية فضلاً عن كونه محرمًا شرعًا.
فهذا الداء الاجتماعي الذي قل أن ينجو منه الأفراد وهو ينم عن خلل في التربية خطير، وينذر بشر في المجتمع أخطر، ومن ثم فإن القرآن الكريم ينهى عن الغيبة بطريقة فذة في التعبير والتصوير. هذا النهي المؤكد الصارم، تدعونا إلى وقفة مناسبة يحاسب بها المؤمن نفسه، ويحفظ لسانه ويكف الأذى عن المسلمين حرصًا منه على دينه وتقوى لله تعالى(٢).
المطلب الثاني
الثقة بالله وزوال القلق على المستقبل المالي
١ - أهمية المال وموقف الإسلام منه:
(٢) …انظر: تسير الكريم المنان، للسعدي، جـ٥، ص٦٩، ٧٢، البينات في تفسير سورة الحجرات، عبدالحميد البيانوني، ص١٤٩.