عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله × قال: (لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم) (١) إن ملكية أموال الرشوة قائمة على الحرام إذ لا تستند إلى سبب شرعي من أسباب الملك. وإن وشيوع تلك الجريمة في المجتمع الإسلامي سبب لغضب الله على هذا المجتمع الذي ترك موارد الحلال الطيب وأخذ يلهث وراء المال الحرام فقد روى عن عمرو بن العاص أن النبي × قال: (ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب) (٢).
والميسر يعتبر وسيلة محرمة لتملك الأموال وهو لا يقل خطورة عن الربا والسرقة والميسر قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) ﴾ [المائدة: ٩٠].
ولا خلاف بين العلماء في تحريمه لأنه مبني على تملك مال الغير بطريق المخاطرة غير المقرونة بجهد، وإن رضي المتقامرون فلا عبرة بذلك لأن كل واحد منهما قصد الربح لنفسه ولم يقصد أن يهب صاحبه المال، وفي هذه الحال تكون عواطف الحسد والأثرة هي المسيطرة عليهما خلافًا للهبة فهي بذلك المال طواعية عن طيب نفس(٣).
ومن طرق اكتساب المال المحرمة تطفيف الكيل والميزان وتوعد الله مرتكبيه بعذاب شديد يقول سبحانه: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) ﴾ [المطففين: ١ - ٣].
(٢) …مسند أحمد، جـ٢، ص٢٠٥.
(٣) …انظر: أحكام القرآن للجصاص، جـ١، ص٣٢٩.