جاءت الشريعة الإسلامية فوضعت نظام التوريث على أحسن النظم المالية وأعدلها، وقررت ملكية الإنسان بالطرق المباحة، وشرعت انتقال ما يملكه في حياته إلى ورثته بعد وفاته من الرجال والنساء متميزة بذلك على كل الأنظمة الجاهلية قديمًا وحديثًا؛ تلك الأنظمة التي حرمت طوائف تستحق العون والمساعدة وهم النساء والصغار؛ كما هو نظام التوريث قبل الإسلام، أما المذاهب الوضعية ماركسية أو رأسمالية وما يتفرع منهما فموقفهم لا يختلف جوهره عن موقف العرب قبل الإسلام؛ فالماركسية ألغت الميراث تمامًا ولم تعترف به. أما الرأسمالية فقد جعلت للمورث السلطان الكامل في ماله بعد وفاته إن شاء أعطى الأقارب أو حرمهم. وعيب هذين المذهبين أنهما طرحا الأسرة جانبًا وأهلاها وإهدار حق الورثة.
لكن الإسلام محى الظلم وأقام العدل بصورة تكفل لكل ذي حق حقه، وتحفظ لكل فرد من أفراد الأسرة كرامته وتصون له عزته، فهو ينظر إلى الإنسان أولاً ثم ينظر إليه حسب تكاليفه الواقعة في محيط الأسرة والجماعة فوقف موقفًا وسطًا وفق منهج رباني حكيم يمتاز بالحق والعدل والرحمة قال تعالى: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (٧) ﴾ [النساء: ٧] وتتجلى هذه العدالة فيما يلي:
أ - إعطاء الميراث للأقرب الذي يعتبر شخصه امتدادًا في الوجود لشخص المورث من غير مراعاة بين صغير وكبير مع مراعاة درجة القرابة منه.
ب - توزيع الثروة توزيعًا عادلاً يحول دون تجمعها بأيد قليلة فلم يجعل وارثًا ينفرد بالتركة ولم يجعلها للابن الأكبر ولا للأبناء دون البنات، ولا للأولاد دون الآباء، وبذلك ففي ظل هذا النظام لا مكان للحسد والحقد والتباغض بين أفراد الأسرة.