وإن امتناع بعض الناس عن الإنفاق أو أنهم يتصدقون بالردئ من أموالهم ينشأ عن دوافع القلق والخوف من الإملاق وعن تزعزع الثقة بما عند الله. فإن الله كشف للمؤمنين أن منشأ ذلك هو الشيطان يقول جل ثناؤه: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: ٢٦٨] فالشيطان هو الذي يخوف من الفقر ويثير في النفوس الحرص والتكالب على لأموال لكن الله يعد المؤمنين المغفرة والجزاء في الجنة.
وأبواب الإنفاق والصدقة تدور مع الحاجة ومواضعها، فالأقربون أولى بالمعروف ولكن سواهم موصولون بهم يذكرون في معرض الحض على البر جنبًا لجنب مع الأقربين فالبر عاطفة إنسانية قبل أن تكون وجدان قرابة وذكر البر موصول غاليًا بذكر الإيمان.
المطلب الثالث
محاربة الإسلام للعنصرية ودعاوى الجاهلية
إن داء التفاخر بالأنساب والأحساب داء قديم في جميع الأمم، وقد عالجه الإسلام علاجًا حاسمًا حكيمًا والأدلة على ذلك كثيرة وأعظم آية في هذا المعنى هي آية الحجرات يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا ں@ح!$t٧s%ur لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣) ﴾ [الحجرات: ١٣]. والمتأمل في هذه الآية يجد أنها تعرضت لهذه القضية وأرشدت إلى الحكمة من خلق الناس شعوبًا وقبائل وهي أن يعرف بعضهم نسب بعض فلا ينتسب أحد إلى غير آبائه لا أن يتفاخروا بآبائهم وأجدادهم ويدعوا إلى التفاوت والتفاضل في الأنساب ودعوى أن هذا الشعب أفضل من هذا الشعب وهذه القبيلة أفضل من هذه القبيلة.
إذا ليس في الإسلام تفرقة عنصرية، بل ليس في الإسلام سياسة عنصرية.