هؤلاء هم الأنصار الذين استوطنوا المدينة قبل خروج المهاجرين إليها، وكانوا أنموذجًا يحتذى لمعنى المسلم، فليس الإسلام اعتناق دين فحسب ولكنه نظام حياة كامل يعيش في إطاره جميع المسلمين، إخوانًا متساندين متعاطفين متعاونين على الخير والبر، مجاهدين لإعلاء كلمة الله في الأرض، وفي ظلال هذا النظام الكامل يظهر أثر الإسلام في مسالك الناس، وفي أخلاقهم وفي تعاضدهم، وفي تسابقهم في الخيرات، كما يظهر في عباداتهم وصدقهم وإخلاصهم، وأصحاب رسول الله أحسنوا الإقتداء بالنبي ×، فكانوا مهاجرين وأنصار مسلمين كما ينبغي للمسلم أن يكون في عقيدته وفي عبادته وفي أخلاقه وفي معاملاته بناء المجتمع وعلى المحبة الخالصة والأخوة التي لا يرجى منها إلا ثواب الآخرة، أي مسلك يدل على ذلك أقوى وأوضح منه؟ إنه المجتمع الذي أسس على تقوى من الله وتراحم أفراده متمثلين قول الحق سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) ﴾ [التغابن: ١٦] (١).
رابعًا: بر الوالدين:
البر هو الإحسان ومنه قوله ×: (البر حسن الخلق) (٢).
وهو في حق الوالدين ضد العقوق، والعقوق هو الإساءة وتضييع الحقوق. قال الحسن البصري: البر أن تطيعهما في كل ما أمراك به مالم تكن معصية، والعقوق هجرانهما وأن تحرمهما خيرك.
(٢) …صحيح مسلم، جـ١٦، ص١١١.