يقول جل شأنه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (٢٤) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴾ [الإسراء: ٢٣ - ٢٥].
تضمنت هذه الآيات وجوب الإحسان إلى الوالدين وتشمل الإحسان باللسان والإحسان بالجوارح والأركان، ومن حفظ الله له هاتين الخصلتين فبر بهما فقد أحسن إليهما. والإحسان إلى الوالدين يجب أن يكون باعثه الرحمة والإحترام والحب والتقدير.
ومن البر ألا يؤذي المسلم والديه بكلام يكسر خاطرهما بل يحافظ على كريم المنطق معهما. وقد عبر عنه سبحانه وتعالى بقوله: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ والأف هو صوت ينبئ عن تضجر، وبهذا النهي يفهم عن سائر ما يؤذيهما بدلالة النهي، وقد خص بالذكر بعضه إظهارًا للاعتناء بشأنه ﴿ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ أي لا تزجرهما عما لا يعجبك باغلاظ.
بل إن المسلم مأمور بالقول الكريم الذي يقتضيه حسن الأدب ولنا في رسول الله إبراهيم عليه السلام أسوة حسنة حينما تلطف في دعوة أبيه إلى التوحيد الخالص فلما نهره أبوه قابله بالرفق والوعد بالاستغفار له قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٤١) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي y٧Yم شَيْئًا (٤٢) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (٤٣) ﴾ [مريم: ٤١ - ٤٥].