يقول السعدي رحمه الله وفي هذا من لطف الخطاب ولينه مالا يخفى، فإنه لم يقل (يا أبت أنا عالم وأنت جاهل) وإنما أتى بصيغة تقضي أن عندي وعندك علمًا، وإن الذي وصل إلي لم يصل إليك ولم يأتك فينبغي لك أن تتبع الحجة وتتناولها(١).
ومن الحقوق في الجوارح والأركان طول الصحبة للوالدين. يقول المولى سبحانه ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: ١٥]. روى مسلم بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أقبل رجل إلى النبي × فقال: أبايعك على الهجرة أتبغي الأجر من الله. قال: فهل من والديك أحد حي؟ قال: نعم. بل كلاهما. قال: فتبتغي الأجر من الله؟ قال نعم. قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما) (٢).
أيضًا على الابن إجابة دعوتهما وطاعتهما مالم يأمرا بمعصية وقضاء حاجتهما من إنفاق وطعام وكساء. فكم من ساعات قضى بها الإنسان للوالدين الحاجات غفر الله بها الذنوب وأوجب ستر للعورات وفرج بها الغموم والهموم ولا ننسى برهما بعد الممات قال تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (٢٤) ﴾ [الإسراء: ٢٤] فهما بحاجة إلى دعوة صادقة أو استغفار أو بذل صدقة عنهما.
ومن تمام برهما صلة أهل ودهما وتفقد أحوالهم والإحسان إليهم فقد قال النبي ×: (إن أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه) (٣).
كيف نعود أبناءنا على البر؟
١ - تربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة وحثهم على فضل البر، وأن يقرن ذلك بطاعة الله.
٢ - الأم هي الحاضنة الأولى لبذرة البر فعليها مسؤولية عظيمة أمام الله، ففي قلبها الحنان والدفء الذي من خلاله تستطيع - وبإذن الله - أن تشعر الأبناء بمحبة الوالدين واحترامهما.
(٢) …صحيح مسلم، جـ١٦، ص١٠٨.
(٣) …صحيح مسلم، ص١٠٤