ثم ينتقل إلى المرحلة الثانية بعد بذل الوسع والحرص على إقناعها. وهي الهجر في المضجع قال تعالى: ﴿ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ﴾ المراد أن يوليها ظهره ولا يجامعها. يقول سيد قطب - رحمه الله - (والمضجع موضع الإغراء والجاذبية، التي تبلغ فيها المرأة الناشز المتعالية قمة سلطانها. فإذا استطاع الرجل أن يقهر دوافعه تجاه هذا الإغراء والجاذبية، فقد أسقط من يد المرأة أمضى أسلحتها التي تعتز بها وكانت - في الغالب - أميل إلى التراجع والملاينة أمام هذا المقصود من رجلها، على أن هناك أدبًا معينًا في هذا الإجراء، إجراء الهجر في المضاجع، وهو ألا يكون هجرًا ظاهرًا في غير مكان خلوة الزوجين، لا يكون هجرًا أمام الأطفال يورث نفوسهم شرًا وفسادًا. ولا هجر أمام الغرباء يذل الزوجة أو يستثير كرامتها فتزاد نشوزًا، فالمقصود علاج النشوز لا إذلال الزوجة، ولا إفساد الأطفال، وكلا الهدفين يبدو أنه مقصود من هذا الإجراء)(١).
والمرحلة الثالثة في العلاج الناتج من نشوز المرأة هو الضرب غير المبرح يقول تعالى: ﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾ الضرب المقصود يكون ضربًا تأديبيًا مصحوبًا تعاطفه المؤدب المربي، لا ضرب إهانة وإذلال، أو للانتقام والتشفي.
وقال الفقهاء هو ألا يكسر لها عظمًا، ولا يؤثر فيها شيئًا(٢) كما قال × في حجة الوداع: (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (٣).
وقد روى ابن جرير بسنده عن عطاء قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: بالسواك ونحوه(٤).
٢ - معالجة الخلاف عندما ينشأ من الزوج:
(٢) …انظر: تفسير ابن كثير، جـ٢، ص٢٩٥.
(٣) …صحيح مسلم شرح النووي، جـ٨، ص١٨٥.
(٤) …جامع البيان، لابن جرير، جـ٤، ص٩٧.