وفي قوله تعالى: ﴿ يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾ فيه مزيد من ترغيب للحكمين، وتحذير عن التساهل، لكي لا يتسبب اختلال الأمر إلى عدم إرادتهما، ومن ثم اتساع شقة الخلاف، ثم إن الآية الكريمة لم تتعرض لذكر عدم إرادتهما الإصلاح؛ لأن ذلك مما ينبغي أن يصدر عن الزوجين، وأن الذي يليق بشأنها ويتوقع منها هو إرادة الإصلاح. وفيه إرشاد من الله تعالى للحكمين إلى أنه ينبغي ألا يدخرا وسعًا في الإصلاح، فإن في التفريق خرابًا للبيوت المسلمة وفي التوفيق الألفة والمودة والرحمة وغرض الإسلام جمع القلوب على المحبة والوئام والتئام الأسرة المسلمة.
ومن الحلول أيضًا لبقاء الاستقرار الأسري أنه إن عجزت جميع الوسائل السالفة الذكر عن تحقيق الحد الأدنى من التفاهم بين الزوجين كان ذلك دليل عدم استقرار الأسرة. فإن الشريعة الإسلامية السمحة لا تجبر الزوجين على الاحتفاظ بزواج فقد أهم مقوماته واكراههما على علاقة لا جدوى من استمرارها، فشرع لهما الطلاق ورتب على ذلك حقوق وواجبات وهي عبارة عن أنظمة تتيح للزوج فرصة ليراجع نفسه ويعدل عما شرع فيه إن كان ثم سبيل للإبقاء على الحياة الزوجية ويتضح ذلك بتأمل آيات القرآن الكريم ومن ذلك ما يلي:
١ - تحمل الزوج وحده أعباء اقتصادية من النفقة ما دامت زوجته في العدة من مآكل ومشرب ومسكن قال تعالى: ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ ﴾ [الطلاق: ٦].
٢ - وكذلك تكون حضانة الأولاد عليه حتى يكبروا وكذلك أجور الرضاعة حتى ولو كانت الأم هي التي تقوم بذلك قال تعالى: ﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ [الطلاق: ٦].
٣ - أنه لا يجوز تطليقها في الحيض ولا في طهر جامعها فيه فعليه أن ينتظر حتى تحيض زوجته ثم تطهر ثم يوقع الطلاق. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: ١].