والمشيئة البشرية تدعوه للعمل والفاعلية والذاتية في التحرك، والأخذ بكل الأسباب، حتى يؤدي مهمته البلاغية، المبنية الواضحة.
والمشيئة الإلهية تدعوه، إن أتت النتائج على نحو ما قدر لها فليرضَ وليفرح، وإن لم تأت على نحو ما خطط لها، فلا يعجز ولا يحزن وليصبر، ثم ليبحث عن أسباب الخلل!
من خلال الجولات الثلاثة في قصة أصحاب القرية (المواجهة بين الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وأصحاب القرية، والمواجهة بين الرجل المؤمن وقومه، والتعقيبات القرآنية الخاصة والعامة)، يوضح الكاتب دعامتي التغيير الحضاري. وفي الحلقة الأولى تحدث عن سمات الدعامة الأولى وهي القاعدة المؤمنة الصلبة، فذكر منها: الإيجابية، الجماعية، الربانية، الجدية في التنفيذ، فهم الدور الموكول وهو البلاغ المبين. ويواصل في هذه الحلقة تقديم القطوف التربوية العظيمة من هذه القصة من قصص الحق. البيان
؟ السمة السادسة: فهم طبيعة الطريق:
فقد أوضحت تلك التجربة الدعوية، كغيرها من التجارب الدعوية على مر تاريخ الحركة الإسلامية، أن الصراع مع الباطل، والصدام مع مكذبي الفكرة أمر حتمي: ﴿الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ١ - ٣].
وتدبر التعقيبات القرآنية على مصيبة أُحُد: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٩].
أي أن الله ـ عز وجل ـ شاء أن يميز بين الخبيث والطيب على أرض الواقع، وذلك بالاختبار والتمحيص، وهؤلاء الرسل في تجربتهم، قد تعرضوا لأنواع من الأذى والابتلاء، مثل:
١ - التكذيب: في كلتا الحالتين: حينما كانا اثنين: ﴿إذْ أَرْسَلْنَا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا﴾ [يس: ١٤].