وحينما كانوا ثلاثة: ﴿إنْ أَنتُمْ إلاَّ تَكْذِبُونَ﴾ [يس: ١٥].
٢ - التشكيك: وذلك من خلال رؤية جاهلية ساذجة، وحجة غريبة، أن رسل الله لا يمكن أن يكونوا بشراً: ﴿قَالُوا مَا أَنتُمْ إلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ إنْ أَنتُمْ إلاَّ تَكْذِبُونَ﴾ [يس: ١٥].
وغاب عنهم أن الجانب العملي في أي دعوة، وهو سلوك الداعية، لا بد أن يكون ترجمة صادقة للجانب النظري في تلك الدعوة، وهي الفكرة المحركة.
ونسوا أيضاً أن السلوك إذا كان غير مرتبط بالفكرة، أي إذا كان العمل غير موافق للقول؛ فهو أمر قد ذمه الحق ـ سبحانه ـ في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢ - ٣].
«والرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية، وحياة الرسول هي النموذج الواقعي للحياة وفق ذلك المنهج الإلهي، النموذج الذي يدعو قومه إلى الاقتداء به، وهم بشر. فلا بد أن يكون رسولهم من البشر ليحقق نموذجاً من الحياة يملكون أن يقلدوه، ومن ثَمَّ كانت حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- معروضة لأنظار أمته» (١).
٣ ـ التطير والتشاؤم بالرسل: فهم مصدر الشر، وعدم النفع، والأذى: ﴿قَالُوا إنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ﴾ [يس: ١٨].
٤ ـ التهديد بالرجم: ﴿لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ﴾ [يس: ١٨].
٥ ـ التهديد بالتعذيب والقتل: ﴿وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يس: ١٨].
فكان من فقه هؤلاء الرسل الكرام لطبيعة الطريق؛ أنهم لم يفاجَؤوا بهذا الابتلاء المتعدد الصور، وكان ردهم: ﴿قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ [يس: ١٩].
أي هذا التشاؤم إنما يأتي من داخلكم، وبناء على تصوراتكم، فلا تقذفوا غيركم بخرافة من صنعكم ومن بنات أفكاركم؟!

(١) - في ظلال القرآن، سيد قطب، ٢٣/ ٢٩٦١.


الصفحة التالية
Icon