وقد جاءت هذه الآية الكريمة في أواخر سورة من سور القرآن الكريم الزاخرة بقصص الأنبياء مع أقوامهم وهي سورة هود عليه السلام.
فقد اشتملت هذه السورة على قصة نوح مع قومه، وقصة هود مع قومه، وقصة صالح ولوط وشعيب مع أقوامهم، وقصة إبراهيم مع الملائكة الذين جاءوا يبشرونه بابنه إسحاق، كما اشتملت على جانب من قصة موسى عليه السلام مع فرعون وملئه.
والمعنى: وكل نبأ من أنباء الرسل الكرام السابقين نقصه عليك أيها الرسول الكريم ونخبرك عنه: المقصود به تثبيت قلبك، وتقوية يقينك، وتسلية نفسك ونفوس أصحابك، عما لحقكم من أذى في سبيل تبليغ دعوة الحق إلى الناس..
ولقد جاءك يا محمد في هذه السورة الكريمة وغيرها من سور القرآن، الحق الثابت المطابق للواقع، والذكرى النافعة للمؤمنين بما جئت به.
وأما التسلية عن طريق قصص الأنبياء السابقين، والتسرية عن قلبه - ﷺ - ودعوته إلى الاقتداء بهم في صبرهم.. فكل ذلك نراه في آيات كثيرة منها قوله سبحانه:[﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ "٥٢" أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ "٥٣" فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ "٥٤" وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ "٥٥"﴾ (سورة الذاريات: الآيات من ٥٢: ٥٥)]
وقد جاءت هذه الآيات بعد حديث مركز عن جانب من قصة إبراهيم وموسى وهود وصالح ونوح عليهم الصلاة والسلام.
والمعنى: نحن نخبرك يا محمد بأنه ما أتى الأقوام الذين قبل قومك من نبي أو رسول، يدعوهم إلى عبادتنا وطاعتنا، إلا وقالوا له كما قال قومك في شأنك هذا الذي يدعي الرسالة أو النبوة ساحر أو مجنون.
والمقصود بالآية الكريمة: تسلية النبي - ﷺ - عما أصابه من مشركي قريش، إذ بين له سبحانه أن ما أصابه قد أصاب الرسل من قبله، والمصيبة إذا عمت خفت.
ثم أضاف سبحانه إلى هذه التسلية تسلية أخرى فقال: "أتواصوا به"؟