" والذي يبدو لنا أن ما ذهب إليه الإمام ابن كثير هو الأقرب إلى الصواب وأن القرآن الكريم لم يذكر من هم أصحاب القرية، لأن اهتمامه في هذه القصة وأمثالها، بالعبر والعظات التي تؤخذ منها." (١)
قلت : وهو الصواب، فظاهر النص القرآني أنهم رسل من عند الله، وليسوا تابعين لرسول سبقهم، وهم من الذين لم يذكر الله تعالى لنا أسماءهم، قال تعالى :﴿وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ (١٦٤) سورة النساء
قال القاسمي :
" قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } أي : تشاءمنا بكم، فكان إذا حدث في البلد ما يسيء من حريق أو بلاء، نسبوه إليهم. وذلك أنهم كرهوا دينهم ونفرت منه نفوسهم، وعادة الجهال أن يتيمنوا بكل شيء مالوا إليه واشتهوه، وآثروه وقبلته طباعهم، ويتشاءموا بما نفروا عنه وكرهوه ؛ فإن أصابهم نعمة أو بلاء قالوا بركة هذا وبشؤم هذا، كما حكى الله عن القبط :﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ﴾ [ الأعراف : ١٣١ ]، وعن مشركي مكة :﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ﴾ [ النساء : ٧٨ ]، أفاده الزمخشري" (٢)
وقال دروزة :
" الآيات معطوفة على سابقاتها والضمير في وَاضْرِبْ لَهُمْ عائد إلى الكفار الذين حكت الآيات السابقة موقفهم من الدعوة كما هو المتبادر. وهكذا يكون هذا الفصل قد جاء معقبا على سابقه تعقيب تمثيل وتذكير، وفيه توثيق للتأويل الذي أوّلناه للآيات التي حكت موقف الجاحدين والتخمين الذي خمّنّاه بنزول الفصل السابق في ظرف أزمة من أزمات النبي - ﷺ - النفسية لموقف مثير وقفه الكفار.
(٢) - محاسن التأويل تفسير القاسمي - (١١ / ١١١)