وعبارة الآيات واضحة لا تقتضي أداء آخر. وقد احتوت قصة رسل أرسلهم اللّه إلى إحدى المدن وموقف أهلها الجحودي منهم، سيقت لسامعي القرآن أو الكافرين منهم على ما هو المتبادر للتمثيل والتذكير.
وأسلوب الآية الأولى وفحواها يلهمان أن المثل الذي أمر النبي - ﷺ - بضربه ليس غريبا عن السامعين وأنهم أو أن منهم من كان يعرف القصة المذكورة فيه.
وأسلوب الآيات صريح في أن المقصود منها المثل والتذكير والعبرة وهذا هو الهدف العام لكل القصص القرآنية الذي يكون محكما مؤثرا حينما تكون القصة المساقة مما يعرفه السامعون.
ومما يلحظ أن في حكاية الحوار بين رسل اللّه وأهل القرية ثم بين أهل القرية والمؤمن تشابها مع حالة الكفار العرب سواء فيما كان من سخفهم وضلالهم في اتخاذ آلهة غير اللّه أم في موقفهم من النبي - ﷺ - وأقوالهم له في معرض التكذيب والجحود أم في تهديدهم لرسلهم بالعذاب والأذى إذا لم يكفوا عن دعوتهم بحيث تبدو في هذه الملحوظات حكمة المثل وهدفه وهو تذكير الكفار العرب بأنهم ليسوا المتفردين في مواقفهم وأقوالهم وباطل عقائدهم، وتبكيتهم على ما هم فيه من سخف وضلال وعناد، وإنذارهم بعذاب اللّه الذي أصاب أمثالهم فجعلهم خامدين دون ما حاجة إلى جنود تنزل وحرب تنشب، وتطمين النبي - ﷺ - بأنه ليس المتفرّد فيما لقي من كفار قومه وأن له الأسوة بمن تقدمه من الرسل في الأزمنة القديمة أو الحديثة بالنسبة لزمنه فلا يحزن ولا يغتمّ وأنه ليس عليه إلّا التبليغ والتذكير مثلهم.
وأسلوب حكاية موقف المؤمن وأقواله لقومه قوي أخاذ. سواء في تبكيته وتسفيهه للمعاندين أم في إغرائه وتشويقه على الإيمان باللّه وتصديق رسله ومن شأن ذلك أن يحدث أثرا نافذا في السامعين. وهذا ما استهدفته الحكاية على ما هو المتبادر. ولعلّ من أثرها ما روته روايات السيرة من تفاني الرعيل الأول من المسلمين في مكة في نصرة