وتأييد النبي - ﷺ - والذبّ عنه والتعرّض بسبب ذلك لصنوف الأذى. وفيها أسوة وحافز على نصرة الحق والداعين إليه في كل موقف وزمان." (١)
وقال دروزة :" الآيات متصلة بالسياق السابق اتصالا تعقيبيا كما هو المتبادر. وهو ما جرى عليه النظم القرآني عقب القصص. وقد احتوت تنديدا بالناس الذين لا تؤثر فيهم المواعظ والأمثال وما كان من إهلاك اللّه للأقوام السابقة فيقفون من رسل اللّه كلما جاء رسول موقف الاستهزاء والتكذيب. وتوكيدا بأن الناس جميعهم محضرون أمام اللّه ومجزيون عن أعمالهم. والتعقيب مؤثر نافذ كما هو واضح." (٢)
وقال ابن عاشور :
"والتطير في الأصل: تكلُّف معرفة دلالة الطير على خير أو شر من تعرض نوع الطير ومن صفة اندفاعه أو مجيئه، ثم أطلق على كل حدث يتوهم منه أحد أنه كان سبباً في لحاق شر به؛ فصار مرادفاً للتشاؤم.
وفي الحديث: =لا عدوى ولا طيرة وإنما الطيرة على من تطير+.
وبهذا المعنى أطلق في هذه الآية، أي قالوا إنا تشاءمنا بكم.
ومعنى: [بِكُم] بدعوتكم، وليسوا يريدون أن القرية حل بها حادث سوء يعم الناس كلهم من قحط أو وباء أو نحو ذلك من الضر العام مقارن لحلول الرسل أو لدعوتهم.
وقد جوزه بعض المفسرين، وإنما معنى ذلك: أن أحداً لا يخلو في هذه الحياة من أن يناله مكروه.
ومن عادة أصحاب الأوهام السخيفة، والعقول المأفونة أن يسندوا الأحداث إلى مقارنتها دون معرفة أسبابها ثم أن يتخيروا في تعيين مقارنات الشؤم أموراً لا تلائم شهواتهم وما ينفرون منه، وأن يعينوا من المقارنات للتيمن ما يرغبون فيه، وتقبله طباعهم يغالطون بذلك أنفسهم شأن أهل العقول الضعيفة؛ فمرجع العلل كلها لديهم إلى أحوال نفوسهم ورغائبهم كما حكى الله _تعالى_ عن قوم فرعون: [فَإِذَا جَاءَتْهُمْ
(٢) - التفسير الحديث لدروزة - (٣ / ٢٨)