الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ] وحكى عن مشركي مكة: [وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ].
ويجوز أن يكونوا أرادوا بالشؤم أن دعوتهم أحدثت مشاجراتٍ واختلافاً بين أهل القرية فلما تمالأت نفوس أهل القرية على أن تعليل كلِّ حدثٍ مكروه يصيب أحدهم بأنه من جراء هؤلاء الرسل اتفقت كلمتهم على ذلك فقالوا: [إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ] أي يقولها الواحد منهم، أو الجمع، فيوافقهم على ذلك جميع أهل القرية.
ثم انتقلوا إلى المطالبة بالانتهاء عن هذه الدعوة فقالوا: [لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ] [قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩)]
حكي قول الرسل بما يرادفه ويؤدي معناه بأسلوب عربي؛ تعريضاً بأهل الشرك من قريش الذين ضُرِبَت القرية مثلاً لهم، فالرسل لم يذكروا مادة الطِّيَرة والطَيْر، وإنما أتوا بما يدل على أن شؤم القوم متصل بذواتهم لا جاءٍ من المرسلين إليهم؛ فحكي بما يوافقه في كلام العرب؛ تعريضاً بمشركي مكة.
وهذا بمنزلة التجريد لضرب المثل لهم بأن لوحظ في حكاية القصة ما هو من شؤون المشبهين بأصحاب القصة.
ولما كانت الطيرة بمعنى الشؤم مشتقة من اسم الطير لوحظ فيها مادة الاشتقاق.
وقد جاء إطلاق الطائر على معنى الشؤم في قوله _تعالى_ في سورة الأعراف: [أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ] على طريقة المشاكلة.
ومعنى: [طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ]: الطائر الذي تنسبون إليه الشؤم هو معكم، أي في نفوسكم، أرادوا أنكم لو تدبرتم لوجدتم أن سبب ما سميتموه شؤماً هو كفركم، وسوء سَمْعِكم للمواعظ؛ فإن الذين استمعوا أحسن القول اتبعوه، ولم يعتدوا عليكم، وأنتم الذين آثرتم الفتنة، وأسعرتم البغضاء والإحن؛ فلا جرم أنتم سبب سوء لحالة التي حدثت في المدينة.
وقال تعقيبا على قصة الرجل :