وها هو فرعونُ يقول لموسى صلى الله عليه وسلم: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ [الشعراء: من الآية٢٩].
وها هم قوم نوحٍ ﷺ يقولون لنبيهم: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء: ١١٦].
وها هم قوم لوطٍ ﷺ يقولون لنبيهم: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ﴾ [الشعراء: من الآية١٦٧].
أ تدرون ماذا ردَّ رسلُ الله على تطيُّرِ وتهديدِ أصحابِ القريةِ؟
قال الله عنهم: ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ أي: قالتْ الرسلُ لهم: ليس شؤمكم بسببنا، وإنما شؤمكم بسببكم، وبكفركم، وعصيانكم، وسوء أعمالكم، وإسرافكم في المعاصي والإجرام.
وكفار اليومِ -والكفرُ ملةٌ واحدةٌ - يتشاءمون من الإسلام ومن دعاة الإسلام، وينفقون أموالهم بالليل والنهار ليُشوِّهوا صورةَ الإسلام ودعاة الإسلام ليصدوا الناسَ عن سبيل الله، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ﴾ [الحج: من الآية٧٢].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ [لأنفال: ٣٦].
وكفار اليوم لا يعرفون إلاَّ لغةَ التهديد بالقتل والسجن وهي لغةُ العاجزِ الضعيفِ الذي لا يملك حجةً ولا برهاناً.
فعلى الدعاة إلى الله تعالى أن يصبروا على دعوتهم للناسِ ويقولوا للكفار كما قال الرسلُ لأصحاب القريةِ: ﴿طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾.
العنصُرُ الثاني -هكذا يفعل الإيمان بأهله
الإيمان إذا تمكن من القلوب صنعَ الرجالَ.
الإيمان إذا امتلأتْ به القلوبُ دفعَ صاحبَهُ إلى كلِّ خيرٍ ومنعه من كلِّ شرٍ.
قال تعالى: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾ [يس: من الآية٢٠].