قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون، وإن كلاً لما جميع لدنيا محضرون " [يس: ١٣-٣٢].
يقول الدكتور علي الصلابي حفظه الله في فقه التمكين في القرآن الكريم أن في هذه الآيات العديد من معاني النصر والتمكين فأهل هذه القرية لم يستجيبوا لدعوة المرسلين ومضوا في كفرهم وعنادهم غير مبالين، وهددوا المرسلين بالرجم والعذاب الأليم، والمتأمل في الآيات تظهر له بعض معاني النصر والتمكين التي حققها المرسلون، وبذلك يكونوا قد نصروا نصرًا مأزرًا، وأن أصحاب القرية هم الخاسرون.
إن معاني النصر ظهرت في الحقائق التالية :
تمكين الله تعالى للمرسلين، بحيث استطاعوا تبليغ رسالته، ولم يستسلموا لشبه أهل القرية أولاً، وتهديهم لهم ثانيًا، وهذه من مهمتهم " وما علينا إلا البلاغ المبين " [يس: ١٧]. ومن أدى ما عليه فقد انتصر وفاز ونجح. انتهى.
وهنا نلاحظ أن مسؤولية الداعية والمربي أن يؤدي واجبه على الوجه الأكمل، كما قال الشيخ عبد الرحمن بن السعدي رحمه الله في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان في قوله تعالى :( " وما علينا إلا البلاغ المبين " قال : أي البلاغ المبين الذي يحصل به توضيح الأمور المطلوب بيانها، وما عدا هذا من آيات الاقتراح، أو من سرعة العذاب، فليس إلينا، وإنما وظيفتنا هي البلاغ المبين أي الواضح، قمنا بها، وبيناها لكم، فإن اهتديتم ففيه حصدكم وتوفيقكم، وإن ضللتم، فليس لنا من الأمر شيئًا ). انتهى.
وهذا يوجب على الداعية أن يكون على بصيرة بما يدعو إليه، وعلى علم بما يعلم وأن يكون على بصيرة بمن يدعوهم وبلغتهم ومعتقداتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، حتى لا يبدأ معهم بما ينفرهم منه، ولا يدعوهم حتى يتألفوه ويتألفهم، ويثقون فيه وفي علمه وصحة دعوته، فإذا كنت في قرية صوفية بدعية خرافية فلا تبدأ معهم ببيان بدعهم وخطورة دعوتهم، ولكن عليك ببيان معنى كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وبيان أهمية التوحيد الخالص، وتشرح لهم آيات العقيدة والتوحيد من دون


الصفحة التالية
Icon