وانطلاقاً من هذه الثلاثية المعرفية يتم إعادة صياغة العقلية المسلمة، حتى تصل إلى حالة الوعي المنشودة، وهي الحالة التي يمكن من خلالها استقراء الواقع وأحوال الحاضر على ضوء تجارب ورصيد الماضي، مما يعين على النظرة المستقبلية الاستشرافية.
وإذا ارتقت العقلية المسلمة إلى حالة الوعي المنشودة تلك، فيمكننا أن نقول إننا قد نجحنا في عملية تصحيح وتنقية للمخزون المعرفي داخل عقل الأمة.
ومصادر هذه الثلاثية المعرفية التي هي مرتكز تشكيل العقلية المسلمة:
١ - القرآن الكريم.
٢ - السنة النبوية المطهرة.
٣ - فقه الواقع.
٤ - قراءة التاريخ.
وهذه المصادر هي المرتكزات الأربعة التي تكوِّن المخزون المعرفي لأمة الدعوة والرسالة، أمة الوسطية، والمناط بها دور الخلافة الراشدة والشهادة على البشر.
وعن طريق هذا المخزون المعرفي العظيم يمكن إعادة صياغة للعقلية المسلمة، فتتكون حالة معرفية أو إدراكية راقية لعقل الأمة، وحصول أو تكوين ما يسمى بـ (منظومة الوعي البشري) عند أفراد الأمة.
وهذه المنظومة المنشودة للوعي البشري هي عبارة عن حالة معرفية راشدة يمتزج فيها الوعي بالماضي والحاضر والمستقبل، فتؤدي إلى الدراية والوعي، بكل شهود التاريخ البشري وبكل سنن الله ـ عز وجل ـ الإلهية في الأنفس؛ أي في عالم الأحياء، وهي السنن الإلهية الاجتماعية، وفي الآفاق؛ أي في عالم المادة، وهي السنن الإلهية الكونية.
وخلاصة ذلك أن يبلغ عقل الأمة مرحلة الرشد المعرفي والإدراكي، مما يساعده على تحمل عبء المواجهة الحضارية. فالقضية هي قبول العقل المسلم للتحدي الحضاري ليقتحم حلبة الصراع الحضاري.
ومنظومة الوعي البشري هي الحصانة ضد أخطار التحدي الحضاري الداخلي والخارجي.


الصفحة التالية
Icon