وفي تفسيره لقوله تعالى :﴿ آ لم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَليَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾(٦). يقول :>حدثنا القاسم، قال : ثنا الحسين، قال : ثنى حجاج، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن عكرمة، أن الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض، قالوا : أدنى الأرض يومئذ أذرعات بها التقوا، فهزمت الروم فبلغ النبي ﷺ وأصحابه وهم بمكة، فشق ذلك عليهم، وكان النبي ﷺ يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، ففرح الكفار بمكة وشمتوا، فلقوا أصحاب النبي ﷺ فقالوا : إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب<(١). وقد ذكر الواحدي النيسابوري ذلك أيضاً في أسباب نزول الآية(٢).
ويقول الإمام القرطبي في تفسيره للآية :﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ ﴾(٣)، بعد أن عرض عدة آراء :>قال ابن عباس : الأميون العرب كلهم، من كتب ومن لم يكتب، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب<(٤). وفي المفردات يقول الراغب الأصفهاني : قال الفراء :>إن الأميين هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب<(٥).
وقد أشار الإمام الآلوسي إلى ذلك في تفسيره للآية بقوله :>إن النبي ﷺ كان يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم<(٦).
ولا يقول عاقل إن اليهود والنصارى كلهم أو حتى أغلبهم كانوا يعرفون الكتابة والقراءة، لأن القرآن سماهم أهل الكتاب، وإنما أطلق القرآن الكريم عليهم هذه التسمية لأنهم أصحاب كتاب منزل من السماء بخلاف العرب. أو أن المصريين الذين اشتهروا بالكتابة كان كلهم يعرفون الكتابة والقراءة، أو فارس... إلخ، وإنما المسألة نسبية.