وقد استلزم كل هذا من الباحث أن يتبع المنهج التاريخي، بالعودة إلى واقع الأحداث في العهد النبوي، وإتباع ذلك بدراسة تحليلية جادة للأحداث والنصوص التي وردت في هذا المجال، ومن ثم محاولة إجراء مقارنة نقدية لتلك النصوص.
فقد خرجت الدراسة بجملة نتائج، كان أهمها : أن حالة الكتابة في مكة والمدينة لم تكن مرثيا لها كما وصفها المؤرخون، وأن القرآن المكي قد كتب كله في مكة، وتم نقله من مكة إلى المدينة عن طريق الصحابة الذين كانوا ينتقلون بينهما من المهاجرين والأنصار أمثال رافع بن مالك. كما أن المسلمين قد استخدموا الجلد الرقيق، ونوعا من الورق ـ الورق البردي ـ قبل ظهور الورق الصيني لكتابة القرآن الكريم وغيره، فما يروى من أن القرآن قد جمع من العسب واللخاف والأكتاف... الخ، إنما ورد في مجال التتبع والجمع الذي أريد به إشراك كل من عنده شيء من المكتوب في عهد أبي بكر رضي اللَّه عنه، ومن باب الاحتياط لزيادة توثيق النص القرآني، وذلك لورود ما يفيد صراحة بأن القرآن كان يؤلف من الرقاع بإشراف الرسول#، وهي إما من جلد أو ورق.
الفصل الأول : مقدمة البحث
توطئة
أهمية البحث
الدراسات السابقة
أسئلة البحث
منهجية البحث
توطئة
الحمد اللّه رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، أما بعد :
فقد أنزل اللَّه سبحانه وتعالى القرآن الكريم على رسوله الكريم ﷺ، ليكون الرسالة الأخيرة، والدستور الدائم للناس جميعاً، بحيث لاتحده حدود الزمان والمكان، فلقد كفل اللَّه سبحانه وتعالى حفظ لفظه ومعناه بحيث لايتطرق إليه احتمال نقص أوزيادة أو تحريف أو تغيير بقوله تعالى :﴿ إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُون ﴾(١).
وتحقق وعد اللَّه سبحانه بحيث حفظ لهذه الأمة معجزتها الخالدة على ما كانت عليه يوم أنزلت على الرسول الكريم ﷺ، وهيأ لحفظ هذا النص طرقاً ووسائل عدة لا يجدها الباحث قد توفرت لكتاب من الكتب أو لنص من النصوص سواء أكان سماوياً أم وضعياً في تاريخ البشرية جمعاء، وإلى جانب ذلك فقد بذل العلماء المسلمون في العصور المختلفة جهوداً جبارة في كتابة البحوث وإجراء الدراسات الكثيرة حول القرآن الكريم، حيث فَصَّلوا القول في كل مايتعلق بالقرآن الكريم من علوم وموضوعات، من نزول وتاريخ، وتدوين، وجمع، وترتيب، وإعجاز، ومكي ومدني، وناسخ ومنسوخ.. الخ.