ولم يكن القرآن الكريم محل اهتمام العلماء والباحثين المسلمين فقط، وإنما أخذ القرآن الكريم مكانة بارزة في دراسات المستشرقين، الذين اهتموا بدراسة الأديان والكتب المقدسة والإسلاميات على مختلف مشاربهم وجنسياتهم، وعلى رأسهم جولد زيهر، ونولدكه، وبلاشير، وغيرهم كثير، حيث أثار بعضهم من الشبهات الشيء الكثير حوله، وكان ذلك عن سوء نية في حين أثار بعض آخر منهم الشبهات لأسباب منهجية أو لغوية فكانت النتيجة أن وقع الفريقان في أخطاء كثيرة.
ومما يؤسف له هو انخداع الكثير من الكتاب المسلمين بدراساتهم القرآنية بما يشاع من أن العلماء أو الباحثين الغربيين أو بالأحرى المستشرقين متَّصفون بصفة البحث العلمي وبالموضوعية وتحري الصِّدق والدقة في الاستنتاج وعدم التعصب للآراء والأفكار.
إلا أنه عند دراسة ما كتبه المستشرقون بإمعان حول القرآن الكريم بصفة خاصة، وحول الإسلام بصفة عامة، يجد الباحث أنهم ابتعدوا كثيراً عن هذه الحقيقة، حيث يحاولون بكل الوسائل طمس الحقائق الثابتة والواضحة وضوح الشمس في كبد السماء فيما يتعلق بالقرآن والإسلام. فهم مغرضون تدفعهم إلى الكتابة حول الإسلام دوافع وأغراض تجعلهم خارجين عن دائرة العلماء طلاب الحقيقة العلمية فيها، وتتحكم فيهم الأهواء والتعصب ضد الإسلام.
قد يكون من بين المستشرقين من هو متصف بالموضوعية وتحري الصدق والأمانة العلمية، أو هناك من يتصف بالإنصاف إذا كان البحث دائراً حول موضوع لاعلاقة له بالإسلام والمسلمين، ولكنهم عندما يأتون إلى الإسلام والمسلمين نجد أن أغلبهم يحاولون تشويه صورة الإسلام الصافية والنقية، والتشكيك في مصدريه الأصليين : القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. إلى جانب التقليل من القيمة الذاتية للفقه وأصوله القائِمَيْنِ عليها.


الصفحة التالية
Icon