لا شك أن عدد الكتبة في المدينة كان أقل مما كان عليه الحال في مكة، يقول القلقشندي :>أما الأوس والخزرج فقد كانت الكتابة قليلة فيهم، وكان يهودي من يهود ماسكة قد عَلِمَهَا فكان يعلِّمها الصبيان، فجاء الإسلام وفيهم بضعة عشر يكتبون<(١)، وذكر منهم : سعيد بن زرارة، والمنذر بن عمرو، وأبي بن كعب، وزيد بن زيد، ورافع بن مالك، وأسيد بن الحضير، ومعن بن عدي، وأبو عبس بن كثير، وأوس بن خولي، وبشير بن سعد.
ويذكر البلاذري عبارةً قريبةً من ذلك هي أن الكتابة كانت قليلةً، ويذكر إضافةً إلى الأسماء المذكورة : سعد بن عبادة بن دليم، وسعد بن الربيع، وعبد اللّه بن أبي المنافق(٢). وهؤلاء لم يتعلموا الكتابة بعد الهجرة بالتأكيد، وإنما اشتهروا بذلك في الجاهلية، مع الذين لقبوا بالكملة قبل الإسلام : المنذر بن عمرو، ففي الإصابة :>وكان منذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان، الخزرجي من الكتبة، وكان أحد السبعين الذين بايعوا الرسول ﷺ، وأحد النقباء الاثني عشر، وكان يكتب في الجاهلية بالعربية<(٣).
ومنهم أسيد بن الحضير وأبوه حضير الكتائب، ففي الطبقات الكبرى :>وكان أسيد بعد أبيه شريفاً في الجاهلية، وكان يكتب بالعربية في الجاهلية، وكانت الكتابة في العرب قليلةً، وكان يحسن العوم والرمي،... وكان أبوه حضير الكتائب يعرف بذلك أيضاً ويسمى به<(١). وكان ممن يكتب في الجاهلية بالعربية : رافع بن مالك(٢)، وسعد بن عبادة(٣)، وكلاهما كانا من الكملة. وأبي بن كعب كان ممن يكتب في الجاهلية قبل الإسلام(٤)، وكان يكتب الوحي لرسول اللّه ﷺ. وعبد اللّه بن رواحة كان ممن يكتب في الجاهلية(٥). وكان عبد الرحمان بن جبر، أبو عبس الأنصاري، يكتب بالعربية قبل الإسلام(٦). وكان أبو جبرة الضحاك الأنصاري ممن يكتب(٧).
وكان كعب بن مالك الأنصاري، شاعر الرسول ﷺ يعرف الكتابة، وهو أحد الثلاثة الذين أنزل فيهم :﴿ وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض... ﴾(٨). وكتب حنظلة بن الربيع بن رباح الأسيدي من بني تميم بين يدي رسول اللّه ﷺ مرةً فسمي حنظلة الكاتب(٩). وكان أنس بن مالك لبيباً كاتباً(١٠).