وكانت كُتب الأمان أيضاً تُكْتَبُ، ومن ذلك كتاب الأمان المشهورة في السيرة، والتي كتبها عامر بن فهيرة لسراقة بن مالك، بأمر من النبي ﷺ، أثناء الهجرة إلى المدينة ـ وهو ما سيأتي الكلام عليه لاحقاً ـ. وكان من عادة العرب في كتابة العهود والمواثيق والأحلاف البدء بـ (باسمك اللّهم)(١).
وكما كانوا يكتبون العهود والأحلاف بين الجماعات، كانوا كذلك يكتبون العهود والمواثيق بين الأفراد.
ومن ذلك حديث عبد الرحمن بن عوف :>كاتبت أمية بن خلف كتاباً في أن يحفظني في صاغِيتي(٢) بمكة وأحفظه في صاغيته بالمدينة<(٣).
ويبدو أنهم كانوا يسجلون كل أمر عام ذي بال يتصل بمجموع الناس، أو بجماعات منهم، وهذا بخلاف ما يذهب إليه البعض من أن العرب كانوا يعتمدون فقط على الذاكرة ولا يسجلون إلا نادراً، ويدل لذلك : رؤية عاتكة بنت عبد المطلب في مكة، حيث قال أبو جهل للعباس بن عبد المطلب :>أما رضيتم أن تتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم ! قد زعمت عاتكة في رؤياها أنها قالت : انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يكن ما قالت حقّاً فسيكون، وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب كتاباً عليكم أنكم أكذب أهل بيت في العرب<(٤).
٢. حفظ الحقوق :
وكان من عادة العرب كتابة ما يقع بينهم ويجري من عقود وديون ونحوه. وهذا ما كانت تتطلبه طبيعة التعامل التجاري الجاري ولا سيما في مكة، وما كان يقوم به أهل مكة من الرحلات التجارية مع جيرانها. وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم في سورة قريش.
ومما يدل على ذلك قصة حق عبد المطلب على الرجل الحميري ففي الفهرست :>وكان في خزانة المأمون كتاب بخط عبد المطلب بن هشام، في جلد أدم فيه ذكر حق عبد المطلب بن هشام من أهل مكة، على فلان بن فلان الحميري، من أهل وزل صنعاء، عليه ألف درهم فضة كيلاً بالحديدة، ومتى دعاه بها أجابه، شهد اللّه والملكان<(١).
وقد استمرت هذه العادة بعد مجيء الإسلام، فقد نزلت أطول آية في القرآن الكريم للأمر بكتابة الحقوق ولا سيما الديون في المعاملات التجارية الجارية بين الناس(٢).
٣. الكتب الدينية :


الصفحة التالية