وكانت الكتب الدينية موجودة بالعربية، وإن كانت ترجمة كتب الديانات السابقة قد تأخرت إلا أنه لا شك أن المنطقة العربية قد عرفت نوعاً من تلك الكتب، وذلك لأن قبائل عربيةً كانت قد تهودت أو تنصرت. وعليه كانوا يقرؤون كتبهم الدينية بالعربية، وإلا فلا يعقل أنهم كانوا نصارى ولا يقرؤون كتبهم الدينية أو أنهم تعلموا العبرية أو الآرامية.
ولا شك أن الصحف الدينية كانت معروفة عند العرب، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى :﴿ إِنَّ هَذاَ لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرِاهِيمَ وَمُوسَى ﴾(٣). مما يدل على أن الكتب الدينية قبل الإسلام كانت مكتوبةً على الصحف.
والدليل على وجود تلك الكتب قصة سويد بن الصامت :>قدم سويد بن الصامت مكة فتصدى له رسول اللّه ﷺ فدعاه فقال له سويد : لعل الذي معك مثل الذي معي ! قال ﷺ : وما الذي معك ؟ قال : مجلة لقمان<(٤).
وفي قصة الكتاب الذي وجده الرسول ﷺ مع عمر بن الخطاب، وغضب عليه بسببه دلالة واضحة على أنها كانت من شيء رقيق، وقد ورد أنها كانت من جلد أحمر(٥).
٤. المراسلات العامة والشخصية :
ومن أكثر الوسائل التي استخدمها العرب للكتابة قبل وبعد الإسلام الرسائل وعلى اختلاف أنواعها. فكانوا يكتبون كتباً إلى من يريدون مراسلته. والكتاب هو صحيفة قد تكون من جلد، أو من غيره. ويختلف نوع المراسلة فقد تكون على مستوى الملوك ورؤساء القبائل. أو قد تكون بين الشعراء أنفسهم، أو بين أفراد العائلة الواحدة كالأب وابنه. وقد تكون الرسالة إخبارية أمنية.
وهناك أمثلة كثيرة لذلك في المصادر التي لا تبخل في هذا المجال بذكر عدد كبير من المراسلات التي وقعت بين العرب، سواء قبل الإسلام أو في صدر الإسلام، وعليه ستتم الإشارة إلى نماذج منها وبإيجاز شديد.
فعلى المستوى الرسمي : مثل رسائل النبي ﷺ إلى الملوك ورؤساء القبائل العربية، وقد بلغت عدداً كثيراً(١). ومنها المكاتبات التي كانت بين مشركي قريش وفارس(٢).
ومثال الرسائل الإخبارية والأمنية : ما مر من نص كتاب الشاعر لقيط بن يعمر الإيادي إلى قومه يحذرهم فيه من انتقام كسرى منهم. ورسالة حاطب بن أبي بلتعة ـ سيأتي لاحقاً ـ إلى قريش يخبرهم بمسير رسول اللّه ﷺ لفتح مكة.