وقصة الشاعرين طرفة بن العبد وخاله المتلمس معروفة، عندما كتب لهما عمرو بن هند إلى الربيع بن حوثرة عامله على البحرين كتاباً أوهمهما أنه أَمَرَ لهما بجائزة، فقتل الربيع طرفة في حين نجا المتلمس بحياته(٣).
ومثال الرسائل بين الشعراء : كما في قصة أمر لبيد بن ربيعة لابنته بأن ترد على من كتب إليه رسالةً شعراً. حيث إنه وكما ينقل عنه ابن قتيبة قال :>فلما أتاه الشعر قال : لابنته أجيبيه فقد رأيتني وما أعيا بجواب شاعر<(٤).
وبين أفراد العائلة الواحدة : كما في قصة رسالة حنظلة إلى والده والتي ذكرت فيما مضى. وما ذكرت من قصة رسالة بجير بن كعب إلى أخيه كعب. وقد سبق ذكر قصة كتاب الوليد بن الوليد إلى أخيه خالد بن الوليد.
وكان المسلمون في مكة والمدينة يتبادلون الرسائل فيما بينهم. وسيأتي ذكر رسالة الأنصار إلى النبي ﷺ ليبعث إليهم معلماً للقرآن الكريم. ورسالة مصعب إليه ﷺ وجوابه ﷺ على مصعب. وينقل الواحدي في سبب نزول الآية :﴿ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُون... ﴾(١). قال : قال الشعبي : نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام. فكتب إليهم أصحاب النبي ﷺ من المدينة أنه لا يقبل منكم إقرار ولا إسلام حتى تهاجروا. فخرجوا عامدين إلى المدينة فاتبعهم المشركون، فآذوهم فنزلت فيهم هذه الآية، وكتبوا إليهم أن قد نزلت فيكم آية كذا وكذا، فقالوا : نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه فخرجوا...(٢).
٥. كتابة الشعر :
هناك خلاف طويل في مسألة كتابة الشعر وتدوينه في العصر الجاهلي، وفي قصة المعلقات السبع(٣). ولكن مع ذلك لا ينكر أحد أنه كان من الشعراء الجاهلين من كان يحسن الكتابة، وأنهم كانوا يكتبون أشعارهم في مناسبات عديدة.
ومن دون الدخول في خضم الآراء، التي بذكرها سوف تبتعد الدراسة عن حدودها المرسومة، فإن الباحث يرى أن الراجح في أمر المعلقات أنها كانت معلقة في الكعبة وأن خبر تعليقها قد تواتر من جيل إلى آخر. وأقدم شهادة على أمر المعلقات ما ينقل عن معاوية رضي اللّه عنه من قوله :>قصيدة عمرو بن كلثوم وقصيدة الحارث بن حلزة من مفاخر العرب كانتا معلقيتن في الكعبة دهراً<(٤).


الصفحة التالية
Icon