يقول الفيروزآبادي :>ويقال : اكتتب فلان فلاناً : إذا سأله أن يكتب له كتاباً في حاجة، وعليه فسر بعضهم :﴿ أَسَاطِيرُ الأوَّلِيْن اكْتَتَبَهَا ﴾ أي استكتبها<(٢). وقيل : اكتتبها : أي بمعنى جمعها وسجلها(٣). أو بمعنى انتسخها من غيره(٤).
قال الزمخشري :>والمعنى : اكتتبها كاتب له، لأنه كان أمياً لا يكتب بيده، وذلك من تمام إعجازه... فإن قلت : كيف قيل :﴿ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْه ﴾، وإنما يقال أمليت عليه فهو يكتتبها ؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما : أراد اكتتابها أو طلبه فهي تملى عليه، أو كتبت له وهو أمي فهي تملى عليه : أي تُلقى عليه من كتابه يتحفظها لأن صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب<(٥).
يقول أبو السعود العمادي :>والأساطير جمع أساطر أو أسطورة كأحدوثة، وهي ما سطره المتقدمون من الخرافات، اكتتبها، أي : كتبها لنفسه على الإسناد المجازي أو استكتبها، وقرئ على البناء للمفعول، لأنه صلى اللّه عليه وسلم أمي. وأصله : اكتتبها له كاتب فحذف اللام وأفضى الفعل إلى الضمير فصار اكتتبها إياه كاتب ثم حذف الفاعل لعدم تعلق الغرض العلمي بخصوصه، وبُنِيَ الفعل للضمير المنفصل فاستتر فيه، فهي تملى عليه، أي تلقى عليه تلك الأساطير بعد اكتتابها ليحفظها من أفواه من يمليها عليه من ذلك المكتتب لكونه أمياً لا يقدر على أن يتلقاها منه بالقراءة أو تملى على الكاتب على أن معنى اكتتبها أراد اكتتابها أو استكتابها ورجع الضمير المجرور إليه ﷺ لإسناده الكتابة في ضمن الاكتتاب إليه ﷺ <(٦).
والاتهام جاء من قبل المشركين بهذه الصيغة الصريحة من أن هناك ما هو مكتوب يتداوله محمد ﷺ وقد كتب له بناءً على طلبه، فلا بد أن يكون هناك شيء مكتوب حتى يأتي الاتهام بهذا الشكل، لأن النبي ﷺ لو كان يكتفي بقراءة القرآن وتلاوته على الناس في مكة فقط من غير أن يكون هناك شيء مكتوب لما جاء بهذه الصيغة، فالاتهام إنما هو مستند إلى مشاهدة.