يقول محمد حسين هيكل :>ولم تكن هذه الصحيفة التي سجلت سورة طه إلا واحدة من صحف كثيرة كانت متداولةً بين أيدي الذين أسلموا من أهل مكة، سجلت سوراً أخرى من القرآن الكريم<(١).
والذي يبدو من الأحداث أن هذه الوثائق والصحف التي كانت متداولةً بين القلة المسلمة في مكة كانت تكتب على أغلب الظن في مقر الرسول ﷺ ـ دار الأرقم بن الأرقم ـ بناءً على كون الأرقم بن الأرقم من الذين كانوا يعرفون الكتابة والقراءة، ومن ثم كان من كتاب النبي ﷺ، وعليه فلا يستبعد أن يكون أحد أسباب اختيار الرسول ﷺ لداره إضافةً إلى مايذكره المؤرخون من الأسباب، كونه من الكتبة حتى يتيسر للرسول ﷺ كتابة ما ينزل عليه فور نزوله ولا سيما أثناء وجوده في داره.
وفي رواية : أن الصحيفة كان فيها مع سورة طه سورة :﴿ إذا الشمس كُوِّرَتْ ﴾(٢). وهي السورة الخامسة من حيث ترتيب النزول.
ومما سبق بيانه عن حالة الكتابة ومعرفة العرب والمسلمين للكتابة ولا سيما في مكة تفنيد وجواب لما قاله كونستانس جيورجيو عند حديثه عن إسلام عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، وهل قرأ سعيد القرآن على عمر بن الخطاب يقول :>فهي رواية لا تتناسب مع الوقائع التاريخية، لأن القرآن في السنة الثامنة قبل الهجرة لم يكن بالشكل الذي نعرفه اليوم، بل إنه لم يكن كذلك طيلة حياة النبي ﷺ. ولم يجمع القرآن إلا في عهد خلافة عثمان. كان القرآن متداولاً ومعروفاً بشكل آيات متفرقة ـ في العهد المكي ـ، وأكثر المسلمين يحفظونه، ولم يكتب منه إلا بعض الآيات، لأن أكثر المسلمين أميون، ولا يعرفون القراءة ولا الكتابة. لم يكن القرآن في ذلك الزمان بالشكل الذي نراه الآن، لأن آياته لم تكن قد جمعت ولا اكتملت، لأن بعضها نزلت بالمدينة بعد الهجرة<(١). إضافةً إلى ذلك فلم يقل أحد أن القرآن الكريم كان كله مكتوباً عندما اطلع عليه عمر بن الخطاب في بيت أخته، وإنما كل ما في الأمر أنه اطلع على صحيفة من الصحف التي كانت متداولةً بين المسلمين آنذاك.