فمن هؤلاء الباحثين محمد حسين هيكل في كتابيه :"حياة محمد"(٥)، و"الصديق أبو بكر"(٦)، ومن خلال أسطر قلائل يشير إلى أن القرآن الكريم كان يكتب في العهد المكي، ويستشهد بقصة إسلام عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه والصحيفة المشهورة التي كانت سبباً في إسلامه، ولايتجاوز ما كتبه في الكتابين عشرة أسطر.
ومنهم الأستاذ محمد صبيح في كتابه :"بحث جديد عن القرآن الكريم"، حيث يشير إلى الموضوع وتحت عنوان "النبي والقرآن"، ولا يتجاوز ما كتبه صفحة واحدة، إلا أن المسألة تبدو غير واضحة عنده تمام الوضوح حيث يقول :"لا نستطيع أن نجزم بأن القرآن الكريم لم يدون في الفترة المكية، ونلجأ إلى بعض الفروض ونستند إلى إشارات خفيفة مفرقة في بعض المراجع كقصة إسلام عمر بن الخطاب، للاستدلال على كتابة القرآن الكريم في مكة..." (٧).
ثم يعود في فصل آخر وتحت عنوان :"التدوين بين النبي ﷺ والصحابة" فيقول :"إن النصوص التي بين أيدينا لا تقطع بأن القرآن كان يدون في العهد المكي”، ثم يقول بعد عدة أسطر :" وكل مانرجحه أن صحفاً معينة كانت تكتب من القرآن ويتداولها المسلمون سراً ليتدارسوها في بيوتهم بعيداً عن أعين قريش...”(٨).
ويشير بدوره إلى نوعية الأدوات التي تمت الكتابة عليها، وهل الصحيح أنها كانت بدائية كما أشارت إليه كثير من المصادر. ولكن مثله مثل غيره لم يعط الموضوع حقه من البحث، إضافة إلى أنه يترك القارىء في حيرة من أمره، حيث لا يأتي بأدلة كافية وشافية.
وأشار الأستاذ محمد علي الأشيقر في كتابه :"لمحات عن تاريخ القرآن"(٩)، إلى الأدوات التي تمت الكتابة عليها، وحاول تحقيق مدى صحة المقولة المشهورة أن القرآن الكريم كان يكتب على العُسُب واللخاف والأكتاف(١٠). وقلما تجد من يتطرق إلى هذا الموضوع ممن كتب في علوم القرآن، وهو ما سيأتي عليه الباحث في هذه الدراسة ويجمع الأدلة عليه بتفصيل أكثر، وسيبيِّن مدى الصحة في إطلاق هذا القول.
ومنهم الأستاذ محمد خليفة في كتابه :"الاستشراق والقرآن العظيم"(١١). تحت عنوان :"كتابة القرآن وحفظه المبكر"، حيث استشهد ببعض الآيات القرآنية المكية، وكذلك ببعض الألفاظ التي وردت فيها كالقلم والكتاب، وكذا بقصة إسلام عمر بن الخطاب ولبيد الشاعر على إثبات كتابة القرآن في العهد المكي، ولكنه لم يفصل في الموضوع ولم يعطه حقه من البحث ولم تكن أدلته كافية.